هل ما زال في هذا العالم ضمير؟!/المرابط ولد محمد لخديم

      هل ما زال في هذا العالم ضمير يؤنّب صاحبه؟ أم أن الإنسان قد خسر آخر ما تبقّى له من إنسانيته، وأصبح كائنًا مستهجنًا، يحنّ على الحيوان أكثر مما يحنّ على أخيه الإنسان؟!
      نعيش اليوم في زمن كثرت فيه الأصوات وقلّ فيه الصدى، زمنٍ تتصدّر فيه صور الحيوانات الضعيفة واجهات التعاطف، بينما يمرّ مشهد الطفل المذبوح، واللاجئ الغريق، والجائع المُهان، مرور الكرام!
      فأين ذهبت الرحمة؟ وأين توارى الضمير؟
صرنا نستنكر الألم على كلب جريح، ونبرّر قصف مدينة كاملة بمن فيها من الأبرياء.
       نُدين تعنيف القطط، ونغضّ الطرف عن إذلال الشعوب، وتدمير الأسر، وتجويع الملايين.
أليس الإنسان أولى بالرحمة؟
      أليس هو المخلوق الذي نُفخ فيه من روح الله، وحُمّل أمانة الاستخلاف في الأرض؟!
        الضمير الإنساني لم يمت، لكنه يئنّ تحت ركام المادية،     وضجيج المصالح، وتخدير الإعلام، ونفاق الشعارات.
       كم جلست أمام مكتبي وبكيت بكاء الأطفال وأنا أُقلب        فظائع القتل التي يُتقنها إنسان اليوم ضد أخيه الإنسان!
     ولكن، رغم كل هذا السواد، ما زالت هناك قلوب صافية، تتألم لأجل غيرها، وتقاوم تيار اللامبالاة… لكنها تتناقص، تتوارى، وتُتّهم أحيانًا بالجنون أو المثالية!
      فهل نملك نحن الشجاعة لنُبقي ذلك الضمير حيًا؟
     أن نعيد ترتيب أولوياتنا، ونجعل إنسانية الإنسان مقدّسة، لا تقلّ شأنًا عن أي كائن آخر؟
    أن نربّي أبناءنا على أن الرحمة لا تتجزأ، وأن من لا يرحم الناس لا يرحمه الله؟
      ما زال هناك أمل، لكنه أمل ينتظر أفعالًا لا أقوالًا…
ينتظر أن نكون نحن الضمير حين يسكت الجميع،
   والإنسان حين يتوحش الآخرون، والنور حين يزداد الظلام.

شاهد أيضاً

المجتمع الموريتاني: بين ضياع الهوية وسلطة الثقافة الجماهيرية!/المرابط ولد محمد لخديم

حين يولد الإنسان، لا يأتي إلى العالم صفحةً بيضاء، بل يُستقبل بفيضان من العادات والتقاليد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *