الشركة الوطنية للصناعة والمناجم SNIM بين التحديات والطموح… ماذا حمل خطاب موريتانيد 2025م؟!/المرابط ولد محمد لخديم

     شهدت النسخة السابعة من مؤتمر موريتانيد 2025م حضورًا رسميًا رفيع المستوى، بما في ذلك رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وزراء، سفراء ومستثمرون. افتتح المدير العام لشركة سنيم، محمد فال التلميدي، المؤتمر بخطاب يعكس الرؤية الاستراتيجية للشركة على المدى المتوسط والطويل، ويكشف عن مزيج من الطموح الاقتصادي والاجتماعي، مع مراعاة البيئة والاستدامة.
       وكان خطابه بمثابة خريطة طريق تكشف ما ينتظر أكبر شركة موريتانية في السنوات المقبلة، بين إنجازات حالية وطموحات تمتد إلى أفق 2031م.

إنتاج يتضاعف وطموح يتجدد
      المدير العام أعلن بوضوح: الهدف هو رفع إنتاج خام الحديد إلى 45 مليون طن بحلول 2031م. خطوة عملاقة إذا ما قورنت بالإنتاج الحالي الذي لا يتجاوز 15 مليون طن سنويًا.
       ولأن الاعتماد على الحديد وحده لم يعد كافيًا، فإن سنيم تفتح شهية البحث عن معادن أخرى مثل الذهب والنحاس، لتتحول إلى قطب منجمي متنوع الموارد.
      اليوم، تمثل صادرات سنيم حوالي 30% من إجمالي الصادرات الموريتانية، وتغذي خزينة الدولة بنسبة تتراوح بين 11 و22% حسب تقلبات السوق. لكن هذه القوة تظل رهينة الأسعار العالمية، وهو ما يجعل التحدي الأكبر أمام الشركة هو كيفية ضمان الاستقرار والاستدامة.

الوجه الاجتماعي للشركة
      وراء الأرقام، لا تنسى سنيم دورها في حياة الناس. عبر ذراعها الاجتماعي، (خيرية سنيم)، تدخلت الشركة في مجالات متعددة:
_مياه للشرب والمراعي عبر حفر الآبار ومصانع المعالجة.
_دعم للزراعة بتقنيات حديثة تعمل بالطاقة المتجددة.
_بناء مدارس ومنح دراسية للتلاميذ والطلاب.
_مشاريع في الصحة، من مستشفيات إلى قوافل طبية.
_رعاية للأنشطة الثقافية والرياضية، وحتى ترميم المساجد.
الخطاب لم يغفل التحدي البيئي. فالنشاط المنجمي يترك أثره على الطبيعة، وأسنيم تدرك أن مستقبلها مرتبط بالانتقال نحو طاقات نظيفة وحلول صديقة للبيئة.

رسالة إلى المستثمرين
      الرسالة التي أرادت الشركة تمريرها واضحة: سنيم شريك موثوق. خطاب التليميدي كان موجهاً بقدر كبير إلى المستثمرين الدوليين، لإقناعهم بأن الشركة تسير بخطى ثابتة ومتوافقة مع السياسات الاقتصادية الوطنية.
       خطاب موريتانيد 2025م لم يكن مجرد إعلان نوايا، بل وعد بمسار جديد: إنتاج مضاعف، مسؤولية اجتماعية موسعة، وانفتاح على الاستثمار. وبين التحديات البيئية وتقلبات السوق العالمية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن سنيم SNIM من تحويل طموح 2031م إلى واقع ملموس يغير وجه الاقتصاد الموريتاني؟

النص الكامل للكلمة:
فخامة السيد رئيس الجمهورية
معالي الوزير الأول
السيد رئيس الجمعية الوطنية
السيد رئيس المجلس الدستوري
السادة أعضاء الحكومة
السادة السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية
السيدات والسادة
أيها الحضور الكريم

يسعدني في مستهل افتتاح النسخة السابعة من مؤتمر ومعرض “موريتانيد” أن أتوجه إليكم بخالص الشكر، على حضور هذا الحدث الهام، الذي يلتئم ككل مرة برعاية رسمية من شركة سنيم، وقد اختير له هذا العام شعار “المساهمة في مستقبل الطاقة، من خلال تطوير مشاريع أساسية، في مجالات المعادن والغاز والطاقة”؛ بهدف تسليط الضوء على أهمية هذه المجالات ودورها في تحقيق التنمية المستدامة بموريتانيا.

فخامة السيد رئيس الجمهورية، أيها السادة والسيدات
شهدت سنيم خلال السنوات الأخيرة تحسنا في الإنتاج، مع زيادة مضطردة، حيث تجاوز عتبة 14 مليون طن، لسنتين متتاليتين، وسيقترب هذا العام من 15 مليون طن، بفضل الديناميكية التي خلقها البرنامج الاستراتيجي، الذي يهدف إلى جعل سنيم قطبا منجميا إقليميا، عبر زيادة القدرة الإنتاجية لخام الحديد، وتحويل المعدن الخام محليا، إضافة إلى تنويع أنشطة سنيم.
ويغطي هذا البرنامج ثلاث مراحل من سبع سنوات، حيث بينت الدراسة إن إنتاج خام الحديد يمكن أن يصل إلى 45 مليون طن، عام 2031، منها 21 مليون طن من الشراكات قيد التطوير حاليا.
ويشتمل البرنامج الاستراتيجي على 24 مبادرة، تغطي كافة أوجه نشاط الشركة، وتشهد جميعها تقدما ملحوظا، فقد مكنت مبادرة التميز العملياتي، على سبيل المثال، من حل المشاكل الفنية الأساسية لمصنع قلب الغين2، مما مكنه من بلوغ طاقته الإنتاجية، حسب كمية وجودة المعدن المعالج.
كما مكن محور البحث الجيولوجي من اكتشاف موارد جديدة وزيادة الاحتياطي المعدني بشكل كبير، بشقيه، الهيماتايت والمغناطيسي، فعلى سبيل المثال، تمكنت فرق البحث من إضافة عمر جديد لمنجم امهودات، الذي كان على وشك الإغلاق، بسبب نفاد مخزونه، ومن مضاعفة موارد منجم TO14، إضافة إلى زيادة موارد منجم قلب الغين، من الحديد المغناطيسي بنسبة 38%.
والأهم من ذلك كله اكتشاف منجم جديد متكامل من الهيماتايت الغني طبيعيا، في منطقة ممر تازاديت، بكدية الجلد، بلغت موارده 50 مليون طن، وتكمن أهمية هذا المنجم في نوعية معدنه وقربه النسبي من منجم TO14 ، مما قد يسهل استغلاله دون الحاجة للاستثمار في منشآت معالجة جديدة.
وقد مكنت حملات البحث الجيولوجي أيضا من اكتشاف موارد إضافية من الحديد المغناطيسي في منطقة أم ارواكن، قرب قلب الغين.
كما مكنت من اكتشاف احتياطي من المياه كاف لتغطية حاجيات الأفق الأول من البرنامج الاستراتيجي.
وفي نفس السياق، لكن في إطار آخر هو تنويع منتجات سنيم، ستنطلق خلال الأسابيع المقبلة حملة مكثفة جديدة، لتعميق البحث عن الذهب والنحاس والمعادن المصاحبة، في منطقة آمساكه، بعد الحصول على مؤشرات مشجعة في الحملات السابقة.

فخامة السيد رئيس الجمهورية، أيها السادة والسيدات
حافظت سنيم دائما على موقع الريادة في دعم الاقتصاد الوطني، حيث توفر ما يزيد على 11 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وتراوحت مساهمتها مؤخرا في إيرادات ميزانية الدولة من 22% إلى 11%، حسب تغيرات سعر الخام الدولي؛ وتستأثر بحوالي 30% من حجم صادرات البلاد.
ولم تغب عن سنيم أهمية تطوير النسيج الصناعي الوطني فأنشأت – منذ عقود – شبكة من الشركات الفرعية، تنشط في مجالات صناعية واقتصادية مختلفة، من صهر المعادن إلى التصنيع الميكانيكي، مرورا بالإنشاءات والطرق والسياحة وغيرها.
وقد ركزت سنيم مؤخرا على تنمية الشركات الفرعية التي ترتبط مباشرة بنشاطها، مما سمح بمضاعفة أرقام أعمالها، مثل شركة الأطلسية للتصنيع الميكانيكي، التي تطور رقم أعمالها من 1.2 مليار أوقية قديمة، سنة 2019، إلى حوالي 4 مليارات، العام الماضي، وكالشركة العربية للحديد والصلب، التي ازداد رقم أعمالها من 1.5 مليار إلى حوالي 2.5 مليار أوقية قديمة، خلال نفس الفترة، في تجل آخر لدعم الاقتصاد الوطني، عن طريق الحفاظ على جزء من العملة الصعبة التي كانت تخصص لقطع الغيار، وكذا بعض الأشغال التي كانت تنفذ سابقا عن طريق شركات أجنبية.

فخامة السيد رئيس الجمهورية، أيها السادة والسيدات
ما من شك أن شركة سنيم رائدة أيضا في ميدان المسؤولية الاجتماعية، حيث حملت على عاتقها منذ إنشائها القسط الأكبر من التنمية المحلية في المناطق المحيطة بعملياتها، فبنت وجهزت المدارس، والمستشفيات، والمستوصفات، والنقاط الصحية، والأسواق، وشقت الطرق، لفك العزلة، إلى غير ذلك مما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
كما أنشأت محطات للطاقة الشمسية والهوائية، وتعكف حاليا على صياغة خطة بيئية وصناعية، تهدف إلى ضمان تحول طاقوي نظيف وفعال وآمن، عبر إحدى مبادرات البرنامج الاستراتيجي.

فخامة السيد رئيس الجمهورية، أيها السادة والسيدات
بالعودة إلى شعار هذا الملتقى، أود التأكيد أن إنشاء مشاريع كبيرة للطاقة، يتطلب وجود مستهلك بحجمها، وهو ما يتوفر في المشاريع المنجمية والتحويلية.
إن توفر الاحتياطيات المعدنية لدى شركة سنيم، وجاهزية بنيتها التحتية، وتوفر إمكانيات بمستوى عالمي لإنتاج الطاقة النظيفة، وموارد الغاز بموريتانيا، إضافة إلى توجه صناعة الفولاذ لخفض الكربون، والقرب الجغرافي من الأسواق المتنامية، كلها عوامل تجعل من شركة سنيم شريكا قويا وموثوقا في برامج النهوض بالقطاع في موريتانيا.

في هذا المناخ المفعم بالأمل، والمشجع للاستثمار، تتطلع الشركة الوطنية للصناعة والمناجم – سنيم إلى تطوير شراكات جديدة، وإطلاق مشاريع منجمية وصناعية تحويلية، من شأنها زيادة القيمة المضافة لمواردنا المعدنية، وتحويلها إلى رافد قوي للاقتصاد الوطني.

وفي الختام، أنتهز الفرصة لأشيد بأجيال متعاقبة من عمال سنيم، حملوها على عواتقهم، وحافظوا عليها رغم الهزات القوية التي شهدتها، في بعض الأحيان، كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى السلطات العليا في البلد، وإلى شركائنا في التنمية على الدعم والثقة، متمنيا لأعمال المؤتمر كل التوفيق والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله.

شاهد أيضاً

تسميات آدرار… أسرار التاريخ المنسي!!/المرابط ولد محمد لخديم

      في صمت الجبال ووديان الصحراء، ما زالت أسماء قديمة تتردد على ألسنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *