في اليوم الثاني من المهرجان، كانت المفاجأة أكبر من سابقتها؛ إذ شهدت خشبة المسرح عروضًا من الفلكلور والأغنيات الآدرارية القديمة، من بينها مسرحية “سيد أحمد لمقومت” وأغانٍ تراثية كادت أن تندثر، فشارك فيها الصغار والكبار بحيوية عكست روح المدينة. كما قدمت فرقة أطار مقطوعتها الشهيرة “مان خايفين أولان طامعين” بكل عفوية،
الى جانب إسكتشات شبابية تناولت مواضيع يومية مثل مضار الإنترنت، وحق الجار، واللحمة الوطنية،بأسلوب فكاهي لامس الواقع وأثار تفاعل الجمهور الذي اكتظت به دار الشباب القديمة.
ولعل أبرز ما ميز المهرجان هذه المرة هو استحضار ذاكرة المقاومة الوطنية، من خلال تضحيات الأمير سيد أحمد ولد أحمد عيده، التي ظلت مصدر إلهام للأجيال ولم تُستحضر في أي تظاهرة سابقة.
لقد حاولت من خلال هذا المقال إبراز إمكانات آدرار العلمية والسياحية كوجهة واعدة للباحثين والمستكشفين، انطلاقًا من قناعة بأن الثقافة ليست ترفًا، بل رافعة للهوية والتنمية وبناء المستقبل.
ومع الأسف، لاحظت أن بعض الكتاب والمدونين هاجموا المهرجان ووصفوه بالفوضوي والدعائي، متهمين إياه بالافتقار إلى العمق والرؤية، بل واعتبروا أن استحضار المواقع التاريخية كان مجرد وسيلة للتسويق. لكنني – وقد حضرت فعالياته بنفسي – وجدت العكس تمامًا؛ إذ كان الجمهور متفاعلاً مع العروض في تناغم تام، وامتلأت فضاءات دار الشباب حتى آخرها، وهو ما توثقه الصور والفيديوهات.
مساهمتي هنا ليست دفاعًا عن أشخاص، بل اعترافًا بقيمة ما نملك في آدرار وتشجيعًا على دعم أي مبادرة ثقافية تعيد للولاية مكانتها في الذاكرة الوطنية.
فالولاية كثيرًا ما ظُلمت في الكتابة والتدوين، وذلك ليس ذنب الآخرين فقط، بل أيضًا تقصير أبنائها الذين يكتفون بالنقد بدل الإسهام في إحياء تراث منطقتهم وإبرازه للأجيال.
