الروح….الحياة….الموت مفاهيم: افزعت القلوب وحيرت العقول!! الحلقة:1/المرابط ولد محمد لخديم


خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه من روحه، وخصه بقسمات وطبائع خاصة به، وسوى بنانه وأفرده ببصمة لا يشاركه فيها أحد لتكون بمثابة توقيعه، ووهبه العقل ميزه به عن سائر مخلوقاته، وأمره بإعماله في الكشف عن قوانين الكون المسخر له، وهداه النجدين وخيره أن يسلك أحدهما بمحض اختياره، وحمله المسؤولية أمانة أبت السماوات والأرض أن يحملنها وأشفقنا منها, وحملها الإنسان شفقة واعتدادا. فأسجد الله له ملائكته تقديرا وإكبارا وحسن ظن به، في أنه سوف يحسن اختيار طريق الخير بكدحه وجهده ومعاناته رغم قدرته على اختيار طريق الشر.
ثم جعل منه الذكر والأنثى، وسيلة لحفظ نسله ونمائه، وجعل من آياته فيه اختلاف ألسنته وألوانه، وجعل منه شعوبا وقبائل وأمما وحضارات، تتدافع وتتخاصم ثم تتناحر وتتعارف وتتفاهم، وعد ذلك الاختلاف ضرورة لتطور الإنسانية ونموها وتلاقح الثقافات وارتقائها.
(والإنسان بفطرته طلعة لا يقتنع من الحياة بمظاهر أشكالها وألوانها كما تنقلها إليه حواسه أو كما ينفعل بها شعوره، بل يتناولها بعقله، وينفذ إليها ببصيرته ليعرف حقيقة كل شيء.!!. من أين جاء؟ وكيف صار؟ وإلا م ينتهي؟.
وهو في إشباع رغبته تلك لا يدخر وسعا من ذكاء أو جهاد حتى يبلغ من ذلك ما يطمئن إليه عقله وتستريح به نفسه.
إلا أن انشغاله بمطالب العيش، والاعتمار في غمرة الحياة ينسى أن يفكر، في الغاية من هذا الوجود ؟ وما اشتغال بعيش، وما اغتمار حياة ؟ وقد يتنبه من غفلة أو يستيقظ من نومة، إذا أصابه مرض، أو أصابه عجز، أو نابته نائبة. وشر النوائب عنده الموت، ينزل بقريب أو ينزل بحبيب، ففي هذه الفترات السوداء، يتوقف الانسان مستخبرا: من أين جئنا، وإلى أين المصير ؟.
ولكنها فترات لا تطول. فحوافر العيش تعود فتحفز ويشتد حفزها، والحياة تعود تهتف بحاجاتها ويشتد هتافها، والإنسان منا يلبى جبرا لا اختيارا، ويتركز على يومه، وينسى أمسه الذي كان، وينسى يومه الذي سوف يكون، إلا من حيث ما يطعم، ويلبس، ويلد، ومن حيث ينعم أو يشقى بالحياة…
إن كل نبات وحيوان مركب من خلايا, وكل خلية مركبة كيماويا من كربون وهيدروجين وأكسجين ونتروجين, فإذا تكونت هذه العناصر بنسب معينة كانت الخلية, ولكن كَون هذه الخلية بهذه النسب كما تشاء فلن تستطيع, ولن يستطيع العلماء مجتمعين أن يمنحوا خلية واحدة من حياة النبات فضلا عن حياة الحيوان.
لقد ولغ هيكل عند ما قال:” اعطوني هواء, وماء, ومواد كيماوية ووقتا، وأنا أصنع إنسان” ويرد عليه العلامة كريسى موريسون رئيس المجمع العلمي السابق بالولايات المتحدة الأمريكية متهكما بقوله” إن «هيكل» يتجاهل في دعواه الجينات الوراثية، ومسألة الحياة نفسها، فإن أول شيء سيحتاج إليه عند خلق الإنسان هو الذرات التي لا سبيل إلى مشاهدتها ثم سيخلق الجينات أو حملة الاستعدادات الوراثية بعد ترتيب هذه الذرات حتى يعطيها ثوب الحياة(1) ومن الواضح في هذا الكلام احتياج الرجل إلى المادة والأجزاء والوقت..فبالرغم من تقدم الطب في جميع فروعه وبالرغم من إبداعات العلماء في عصرنا والذين يقدمون لنا أجهزة نأخذ بالألباب وتحير العقول فإن خطابهم ما زال مثل خطاب الإنسان الأول منذ آلاف السنين: الاحتياج و الطلب ..
وبعد محاولة هيكل ينعقد المؤتمر المشهور الذي تداعى له العلماء من جميع أنحاء العالم..
ففي عام 1959م عقد مؤتمر في نيويورك، من الغرب والشرق وأوربا وكان فيهم عالم من أكبر علماء الإتحاد السوفيتي آنذاك اسمه ألكسندر أو باليه وكان شيوعيا. بقي هذا المؤتمر قرابة أسبوع, والموضوع الذي تداعوا واجتمعوا من أجله, هو محاولة الإجابة عن سؤال: هل يمكن إيجاد خلية واحدة عن طريق التفاعل الكيميائي؟
بحثوا ثم بحثوا ثم إنهم انتهوا إلى القرار التالي:
” لا يستطيع العلم أن يوجد الروح ولا الخلية الواحدة عن طريق تفاعل كيميائي والعلم لا علاقة له بالروح لأن العلم يسير في طريق والروح يسير في طريق آخر(2)
فالروح هي التي تعطي الحياة القدرة على الاستمرار….يتواصل….

شاهد أيضاً

د. محمد ولد أحظانا يؤرخ للموسيقى من خلال مصطلحها؛/المرابط ولد محمد لخديم

تُعدّ محاضرة الدكتور محمد ولد أحظانا رئيس نادي الفائزين بجائزة شنقيط حول الموسيقى الحسانية، التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *