في عصرٍ أصبحت فيه الكاميرات تحلق فوق الغيوم، والأقمار الصناعية ترصد أدق الظواهر، لا تزال مكة المكرمة والمدينة المنورة محط أنظار البشر ودهشة العلماء. فهذان الموضعان المقدسان ليسا مجرد وجهتين روحيتين للمسلمين، بل يشكلان لغزًا علميًا وإشراقًا سماويًا أثار فضول وكالات الفضاء وروادها.حتى تساءل البعض: هل نحن أمام ظواهر طبيعية فريدة، أم أمام إشارات إلهية يتعذّر إنكارها؟
من وادٍ غير ذي زرع إلى قبلة العالم؟!
من وادٍ قاحل لا زرع فيه، حيث ترك نبي الله إبراهيم زوجته هاجر ورضيعها إسماعيل بأمر من الله، انطلقت قصة مكة.
أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام ربه أن يسكن زوجته وابنه في مكان قفر لاماء ولاشجر ولا طعام فيه فاسكنهما في مكة المكرمة امثثالاً لأمر الله. وتركهما راجعا إلى فلسطين…في قصة طويلة أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه السلام إن يغادر أرض الحجاز إلى مدينة الخليل تاركاً زوجته وأبنه الرضيع في واد قفر جدب لا زرع فيه ولا ضرع…!!
ولما أحس الأب حال أبنه وزوجته رفع يديه إلى السماء: (ربَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [سورة:ابراهيم, الآية:37]. فاستجاب الله لدعاء، خليله وكان من حكمة الله أن تنفجر بئر زمزم وتجري منها المياه، وتروي هاجر عطش ابنها الرضيع وتسكت صراخه…!! ومع ظهور زمزم في هذا البلد الأمين أصبحت الحياة فيه أمراً ممكنًا فأقامت هاجر وابنها حول البئر وأصبحت القوافل ترد عليهما فينالان من العيش منها…
كان بداية لنشوء أعظم بقعة على الأرض. تحول الوادي إلى مركز للعبادة ومهوى للأفئدة…
وتتوالى بعد ذلك الأيام والليالي ليأتي أمر الله إلى إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل لبناء البيت الحرام حيث قال المولى عز وجل (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).[سورة البقرة,الآية:127].
هكذا نشأت مكة وتوافد عليها العرب، وأصبحت وجهةً للحج والطواف، وتحولت دعوة إبراهيم إلى واقعٍ متجدد، حيث يجتمع المسلمون من كل بقاع الأرض حول الكعبة في مشهدٍ مهيب، يذوب فيه الفارق بين الغني والفقير، والحاكم والمحكوم، يؤدى خراجه من الطاعة, وضريبته من الحب والانقياد, ويثبت تمسكه بهذا الحبل المتين, ولجوئه إلى هذا الركن الركين, ويطوف حوله أعظم العلماء والعقلاء, والزعماء والعظماء, والملوك والأمراء, والأغنياء والفقراء, في وله وهيام, وفقه وحكمة, يثبتون أنهم مجتمعون على تفرق, متوحدون على تعدد, متركزون على انتشار, أغنياء على الفقر , أقوياء على الضعف, ينتشرون في العالم ويسعون في أرزاقهم ومصالحهم, وينتسبون إلى أمم وسلالات, ويختلفون في الحضارات والثقافات, ويلتقون على نقطة واحدة وحول نقطة واحدة, مظهرها (الإحرام) في لغة الدين والفقه وفى مصطلح الحج والعمرة, حاسرة رؤوسها مابين رئيس ومرؤوس, وصغير وكبير, وغني وفقير, وتهتف كلها في لغة واحدة: « لبيك للهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك, لا شريك لك…» وكأن الوجود قد تحول إلى مظاهرات لا هتاف لها إلا الذكر والشكر والتمجيد والتحميد.
انبهر الغرب بهذا الاجتماع الإنساني العجيب، والذي يشبه حركة الكواكب حول الشمس، أو دوران الإلكترونات حول نواة الذرة. وأعجبوا أكثر عندما علموا أن تحية المسجد الحرام ليست صلاة، بل طواف، في انسجام مع طبيعة المكان.
الطواف: سرّ كوني مذهل
الكعبة ليست فقط قبلة المسلمين، بل تمثل مركزًا للطواف الذي فطر الله عليه مخلوقاته ولا يتوقف ليلًا أو نهارًا. علماء فيزياء شبّهوا حركة الطواف بدوران الإلكترونات حول النواة، والكواكب حول الشمس، في انسجام كوني يعكس وحدة الخلق. هل هو تشابه محض؟ أم رسالة أن العبادة هي جزء من النظام الكوني الأكبر؟
الحج: وحدة بشرية مذهلة
يُعد الحج الحدث السنوي الأكبر عالميًا من حيث التجمع البشري.يجتمع الملايين من مختلف الأعراق واللغات في زي موحد، يلبون نداءً واحدًا: “لبيك اللهم لبيك”.السعي بين الصفا والمروة، رمزية إنسانية للتوازن بين العمل والتوكل، وبين الجهد والتسليم.
موقف مؤسسات علمية مثير للجدل!!
انتشرت منذ سنوات تقارير تشير إلى أن وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” رصدت شعاعًا ضوئيًا يخرج من الكعبة باتجاه السماء، قبل أن تُسحب تلك التقارير فجأة، ما يثير شكوكًا حول مدى استعداد بعض المؤسسات العلمية للكشف عن معلومات قد تعزز الإيمان.وتقول روايات أن أحد علماء “ناسا” أشهر إسلامه بعد اكتشاف هذه الظاهرة، وتمت إقالته لاحقًا.
الفضاء يشهد: مكة والمدينة تضيئان السماء!!
الساحة في مجال البحوث والاكتشافات الفضائية ليست حكرًا على ناسا وإن كانت هي الأقوى، فهناك جهات دولية أخرى لها باعٌ طويل في ذات المجال , وخاصة روسيا الاتحاد السفياتي سابقا ولعل هذا الكشف الروسي المحير لصور مكة والمدينة من الفضاء الخارجي سيسلط الضوء على الكثير من الحقائق والمعلومات التي أخفتها وكالة الفضاء الأمريكية بقصد أو بغير قصد. كشف رائد الفضاء الروسي آنا تولي إيفانيشن، أن مدينتي مكة والمدينة هما أكثر بقعتين مضيئتين على الأرض وقال إيفانيشن: الذي كان يتحدث عن تجربته الفضائية حاولنا التقاط صور من الفضاء لعدد من الدول المضيئة التي اشتهرت بأضوائها مثل باريس مدينة الأنوار وبعض المناطق الأوربية والأمريكية وتلك الصور لم تكن واضحة عند التقاطها ..!!
لكن عندما قمنا بتوجيه عدساتنا المجهزة صوب الجزيرة العربية اندهشنا أنا وأفراد الطاقم الموجودون في المركبة حيث لاحظنا بقعتين مضيئتين بالكامل, وعند تحديد الموقع اكتشفنا أنهما هاتان المنطقتان المقدستان اللتان يتحدث عنهما المسلمون.. وقال رائد الفضاء:المنطقة التي نوجد بها في تلك اللحظة لم تكن قد وصلت اليها أشعة الشمس ومع ذالك عندما سلطنا عدساتنا عالية الجودة على هتين البقعتين وقمنا بالتقاط عدد من الصور التي ظهرت بكل وضوح تبين لدينا أنهما مكة والمدينة).الصورة. زميله سيرجي ريزنسكي التقط صورًا للحرم المكي وقال: “مكة لا يمكن أن تُخطئها من الفضاء، فهي متفردة كليًا”.أما أنطون شاكلبيروف فشارك صورًا مذهلة للحرمين الشريفين عبر حسابه الرسمي، مؤكّدًا أنه لم يرَ ما يشبههما من الفضاء. وكتب “ريزسكي”: مكة أقدس بقعة عند المسلمين جميلة في الليل والنهار..وأضاف: مستحيل أن تخلط بينها وبين أي مكان في العالم من الفضاء.. كما نشر موقع “علم مفيد” الناطق باللغة الإنجليزية مجموعة من الصور المذهلة لأول مرة عن الحرمين .. مكة المكرمة، والمدينة المنورة من الفضاء، تلك الصور التقطها رائد الفضاء الروسي “أنتون شاكابليروف” من المحطة الدولية للفضاء. وقد نشر “أنتون شاكلبيروفAnton Shkaplerov ” الصورتين على حسابه الشخصي بموقع التواصل الإجتماعي X “تويتر” سابقا وكتب باللغة الانجليزية التالي: “Amazing night view of #Mecca and #Medina from the #ISS” وهي ما تعني باللغة العربية: “مشهد ليلي رائع لمكة والمدينة من المحطة الدولية للفضاء.” وكما تلاحظون الأضواء المتوهّجة الصادرة من الكعبة الشريفة، والمدينة المنورة، وكأنّها تشعّ نورًا رائعًا أبهر كل من شاهد هذه الصور). ما بين دعاء إبراهيم عليه السلام في وادٍ غير ذي زرع، ودهشة رواد الفضاء من إشعاع مكة والمدينة ليلاً من المدار، تتجلى وحدة الرسالة الكونية: أن لهذا الكون خالقًا حكيمًا يختار من الأماكن والأزمنة والأشخاص ما يشاء. فمكة ليست فقط مدينة على وجه الأرض، بل هي قلب نابض في منظومة إلهية تمتد من الأرض إلى السماء، ومن الدعاء الصادق إلى التجليات البصرية التي تحيّر العقول.
ولعل في هذه الشهادات العلمية المعاصرة ما يجدد إيمانًا، ويهدي حائرًا، ويوقظ غافلًا، ويُسكت المشككين. إنها ومضة من فيض الغيب، تلوح للعيون والعقول، وتؤكد أن ما جاء به الإسلام ليس فقط هديًا روحيًا، بل انسجامًا مع أعظم قوانين الوجود.
تتقاطع هذه الشهادات مع النصوص القرآنية والأحاديث النبوية في صورة مذهلة.
فهل آن الأوان أن نستمع من جديد إلى نداء السماء؟ وأن نقرأ آيات الكون كما نقرأ آيات القرآن؟ وأن ندرك أن مكة والنور الذي يشع منها، ليس مجرد ظاهرة ضوئية…بل رسالة سماوية..!! وهل نمتلك الشجاعة العلمية لإعادة النظر في تفسير بعض الظواهر الكونية؟ وأن ما نشهده من عجائب في مكة والمدينة ليس مصادفة، بل دعوة للعودة إلى أصل الإيمان؟
المراجع:
القرآن الكريم.
1)_ دين الفطرة: استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية,المرابط ولد محمد لخديم,تصدير الأستاذ الدكتور محمد المختار ولد أباه, رئيس جامعة شنقيط العصرية والشيخ الدكتور أمين العثماني عضو اللجنة العلمية والتنفيذية للأكاديمية الهندية بدلهي الهند,تقديم:الأستاذ الدكتور:أحمدو ولد محمد محمود, رئيس قسم الفيزياء بكلية العلوم والتقنيات جامعة أنواكشوط, والمفكر الاسلامي,سمير الحفناوي جمهورية مصر العربية,الطبعة الأولى الأكاديمية الهندية بدلهي سنة 2010م الطبعة الثانية:دار المعراج,دمشق/بيروت سنة 2014م.
2)_ الشرق الاوسط العدد 12401 السبـت 24 ذو الحجـة 1433 هـ 10 نوفمبر 2012 م. (بالتصرف).
3)_ تصريحات رواد الفضاء الروس في الصحف والمواقع العلمية).