عدتُ مجددًا إلى قريتي الوديعة تيمكازين، وإذا بقلبي يخفق فرحًا، وشعور لا يوصف يغمرني وأنا أستحضر طفولتي بين ربوعها الطاهرة.
كانت القرية تتهيأ لانطلاق مهرجانها الثالث للثقافة والرياضة، فإذا بي أتعجب من هذا النضوج اللافت في التنظيم، والمشاركة الفاعلة في الأنشطة الثقافية والعلمية والرياضية، وسط أجواء تملؤها البهجة وتجمع الأحبة على الخير والتلاقي. هنا، يتناغم عبق التقاليد مع أنفاس الحاضر، وتتشكل الثقافة والرياضة في لوحات مشرقة تصنعها سواعد أبناء القرية وأفكارهم، لترسم رسالة حب ووحدة، وتشيّد جسرًا متينًا يربط القلوب ويعزز أواصر الأخوة والانتماء.
لقد استطاعت تيمكازين، بفضل حضورها ومكانتها، أن تستقطب اهتمام السلطات الموريتانية، فشهد المهرجان مشاركة والي ولاية آدرار، وحاكم مقاطعة شنقيط، والعمدة، إلى جانب السلطات العسكرية والإدارية. كما حضر جمع غفير من الضيوف الكرام القادمين من مختلف المناطق، حاملين معهم روح المشاركة وفرحة اللقاء، رغم مشقة الطريق الجبلية التي شقها أهل تيمكازين بجهودهم الذاتية وأيديهم ومعداتهم التقليدية البسيطة.
المهرجان، الذي تميز بتنظيمه اللافت ومشاركته الفاعلة في الأنشطة الثقافية والعلمية والرياضية، جسّد لوحة من الوحدة والأخوة، حيث تعانقت سواعد الشباب مع ذاكرة المكان، لتشيّد جسرًا يربط الماضي بالحاضر، ويعزز أواصر الانتماء.
ولم يكن الحدث بالنسبة للكثيرين مجرد مهرجان، بل فرصة لاستعادة ذكريات الطفولة ولقاء الأحبة، واستحضار وجوه الراحلين من الآباء والأصدقاء، في مشهد يفيض بالمحبة والوفاء.
وفي ختام هذا العرس الثقافي والرياضي، تؤكد تيمكازين على أنها ليست مجرد قرية في قلب الصحراء، بل هي منارة للأمل والتجدد، حيث يتلاقى الإصرار مع الأصالة، وتنبثق من بين رمالها قصص النجاح والعزيمة، لتبقى رسالة واضحة لكل من يسعى إلى بناء مستقبل يفتخر به.