في يوم الجمعة 13مايو 2022م الموافق 12 شوال 1443 هجريًة تكون الوالدة قد مضى على فراقها اسبوعا كاملا… عند مايفقد المرأ أمه سيكتشف شيئين؛ لاول: انه لم يشبع منها مهما عاشت!!
والثاني: انه لم يوفيها حقها مهما فعل!! فكل الديون تقضى الا دين الام!!
فهي عماد الأسرة، ومصدر الدعم ، والقائمة على شؤونها ورعاية أفرادها، وحاميتها من التفكك والضياع..
وبما أن المجتمع الموريتاني يعتبر من أكثر المجتمعات تعرضا للظاهرة الطلاق والتفكك الاسري فكانت المرأة هي الام وهي الاب!!
شقَّت الوالدة طريقها وحيدة تربي وتدرس رغم شظف العيش وقساوة الطبيعة وهذا ماتفرضه طبيعة أرض مدينة ازويرات شأنها في ذالك شأن المدن الصناعية التي يأتي إليها العمال عادة من جميع أنحاء الوطن مما يشكل لأبنائهم قاعدة أساسها العمل وغاياتها التنافس والإبداع الخلاق..!!
وقد ضربت المرأة في تيرس زمور مثالا في التفاني في العمل فهي مثالا للمرأة المنتجة الكادحة…
حيث تظهر المعارض في تيرس زمور عبقريتها وتألقها في مختلف المجالات التي ولجتها. على الصعيد الزراعي والحيواني.. والصناعي…والخدمي..
في هذا الجو العمالي ترعرع رجال كان لهم دورا مهما في بناء الدولة الموريتانية…
ماتزال المرأة التيرسية مثالا للمرأة العاملة الكادحة وهنايبرز دور الوالدة رحمها الله في تكوين أبناء وبنات رغم ضيق الحال ..!!
لم يؤثر عليها الطلاق الذي يؤدي عادة الى التفكك و انحراف أفراد الأسرة خصوصا الأولاد والبنين والبنات فعندما تتفكك الأسرة ويتشتت شملها ينتج عن ذلك شعور لدى أفرادها بعدم الأمان الاجتماعي لأنه لم يعد هناك رقيب عليهم !!
لكن الوالدة ابنين يحظيه كانت هي الامان وهي الركن المنيع الذي منعنا كأبناء وبنات من التشتت والتفكك ولانحراف!!
لاتسعفني لغات العالم وعلى رأسها اللغة العربية بالعبارات التي تختلج في صدري فأنت لا تملك من اللغة إلا ما يعبر عن هذه المعاني السطحية القريبة، بحيث إذا أردت الغوص على دقائق المعاني المتشعبة تخلفت عنك طاقة التعبير وبقيت مع مشاعرك الصامتة….
الكلمة صوت نجسد فيه أفكارنا، ولما كان جسد الشيء على مثال ما نجسده فيه، فان أجساد أفكارنا الصوتية إنما هي على مثال هذه الأفكار التي نجسدها فيها!!
في8 نوفمبر 2017م عندما علمت بمرض الوالدة يممت وجهي نحو مدينة ازويرات حتى انني لم ارجع الى المكتب ومنذ ذالك الزمن الى يوم الناس هذا وانا مع الوالدة لرعايتها صحيح ان الاخوات يقمن بالعمل اللازم ولكن الانفاق والمراقبة عن قرب وشراء مايلزم من الادوية والمستلزمات الاخري يستوجب حضوري شخصيا…
وبمرور الزمن وجدت الوقت الكافي للكتابة عن مدينتي ازويرات المهملة من الابناء قبل الاعداء!!
https://rimnow.net/w/?q=node/7833
كنت اعمل كل ماتريده الوالدة قبل ان تطلبه…!! وعندما اشتد المرض عليها في السنتين الأخيرتين من حياتها وارتفعت التكاليف كان من الازم البحث عن دخلا ماديا يؤمن المصاريف للازمة وتشيء الاقدار ان نتعاقد مع الشركة الوطنية للصناعة والمناجم SNM وذراعهاالخيري خيرية اسنيم وكان هذا يرجع الفضل فيه الى الاداري المدير العام احمد فال التلميدي الذي ركز على العمل الاجتماعي منذ توليه ادارة الشركة وقد شهد له جميع العمال من القاعدة الى القمة لاول مرة في تاريخ الشركة وهو عمل يذكر فيشكر جعله الله في ميزان حسناته.
لانملك ككتاب الا الكلمة والتوثيق على جبين التاريخ!!
كان عزائي في الوالدة عندما فاضت روحها الطاهرة وهي على ذراعي ان شاهدت فيها علامات السعادة : من تعرق وابتسامة عريضة ونضارة وجه ودفن ليلة الجمعة!! وكأنها ناءمة كان آخر كلامها بالنسبة لي:
(يعطيك رضا الله الجليل) أما آخر كلامها مودعة هذه الدنيا الفانية: لا اله الا الله.
غير ان كل ماذكرت وزيادة دونه هذا الشاعر في قطعة من لغن الحساني:
بجاه الرسول الي جاب@@ الدين أمشفع فين
ترحم يللاه التواب @@ابنينه بجاه مبين
هي كانت داي لدين @@وداي لحسان للمسلمين
وفات اعمره يرحمهابين@@العبادة ذيك الزين
وتمعليم الطاعه والدين @@وحنين وحن تبقين
ويتمو بعد اليوم الحيين@@من عاكب وفاة ابنين
جازيها يالله بيقين @@رزين وسيع رزين
لجواب لملكين وعين @@ لذة لشاربين
وجماعته بلحوريين @@وسكيها من حوظ مبين.