المتأمل في وسائل الاعلام الغربية المكتوبة والمرئية والمسموعة خاصة الفرنسية منها يلاحظ أنه لاهم لها في هذه الأيام إلا انقلاب النيجر والاطاحة بحليفها الرئيس بازوم وكثيرا ماتطالعك عناوين كبيرة مثل: صفعة فرنسا في آخر موطئ لها….عودة الارهاب.. وتدخل روسي محتمل..الخ
يبدوا ان الارهاب والتطرف أصبح شماعة فرنسا ولكن دول الساحل حسموا القضية منذ مدة وخاصة المقاربة الموريتانية التي أصبحت مثالا يحتذى به في المنطقة؛
حيث قالت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولان، إن موريتانيا تعتبر “واحة للاستقرار في منطقة الساحل”، مضيفة أن الولايات المتحدة تشيد بدور موريتانيا في مكافحة الإرهاب والتطرف.
من جانبه ثمن ممثل الاتحاد الأوروبي، في موريتانيا، سيرج مارت الدور الذي تلعبه موريتانيا في محاربة الإرهاب والتطرف في المنطقة!!
وهذا مايفسر دعوة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني المتكررة للغرب بأمدادهم بالسلاح وأنهم سيتولون مكافحة الارهاب نيابة عنهم ولكن الغرب له مآرب أخرى بدأت تتكشف تباعا خاصة فرنسا وهذا مايفسره الخبير العسكري والاستراتيجي الفرنسي دومينيك كارايول بقوله:
بسقوط حكومة بازوم، سينتهي الأمر بسيطرة الإرهاب والفوضى على حزام متصل من مالي إلى نيجيريا.
ستزيد موجات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وستستغل روسيا حالة الفوضى وتنفذ أجندتها الرامية إلى العمل مع الجماعات المحلية غير الراضية عن التواجد الغربي. وهذا يعني فقدان باريس لأكبر مورد لليورانيوم المستخدم في المفاعلات الفرنسية، مما يعني تصاعد أزمة الطاقة بها المتفاقمة أصلا بسبب الحرب الروسية الاوكرانية!!
فهل تتدخل دول الاكواس عسكريا بايعاز من فرنسا التي خذلتها حليفتها أمريكا اذ أوفدت ممثلا عنها الى الانقلابيين خوفا من تدخل روسي محتمل!!
بدليل أن الديموقراطية والشرعية التي تنادي بها فرنسا ماتزال قائمة في النيجر حيث ، أعلنت المجالس البلدية والإقليمية في النيجر تأييدها المجلس العسكري، وقررت المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس المجلس الجنرال عبد الرحمن التياني بهدف وضع أسس المرحلة الانتقالية.
وثمّن ممثلون عن تلك المجالس قرار رئيس المجلس العسكري الإبقاء عليها لتواصل عملها في إدارة الشأن المحلي
وكذالك الحشود الكبيرة في الملاعب وفي شوارع النيجر !! فلم يعد مرحبا بفرنسا في هذا البلد ولن تقدم على عمل عسكري سيورطها في آخر موطئ لها!!
لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا الافارقة ليست لهم كلمة موحدة؟!
لماذا الاحتفاظ بفرنسا التي تستقل ثرواتها ولم تقدم الا وعودا وآمالا زائفة!!
أيعقل أن النيجر بلد فقير وهو عاشر دولةفي العالم مصدرة لليورانيوم!! ولكنه يستغل في المفاعلات والمصانع الفرنسية بأقل الأثمان بالتراضي مع عملاء فرنسا الاستعمارية!!
ولكن أحرار الأفارقة سيقودون جبهة جديدة للنضال ضد الإمبريالية، التي تعتبر شكلا مستحدثا للاستعمار، لاستبدال فرنسا بأي طريقة ولهم الحق في مايختارونه ان الصين مثلا تقوم علاقتها على المصالح المتبادلة وتضخ المليارات في البنية التحتية والتنمية!!
كما يمكن لتجمع لبريكس الذي يضم اقتصادات كبرى ان يكون البديل المنشود في دول استنزفتها القوى الاستعمارية منذ قرون!!
ولنا في الأحداث المأساوية في السنوات السابقة عبرة أمريكاوحليفاتها الذين يحتفظون بقواعد لهم في افريقيا ماذا قدموا للدول العربية التي احتضنت قواعدهم سابقا غير الخراب والدمار في أفغانستان في ما يعرف بالضربات الاستباقية في تورا بورا وإرهاب فضائح التعذيب في غوانتناموا …
وفي ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي كشف زيف فلسفة المحافظون الجدد الذين بشروا العالم بالديمقراطية والعالم الحر , ولم يشاهد هذا العالم إلا الدمار, والخراب, طيلة حكمهم, وحتى بعد رحيلهم.ومايزال العالم يعيش تداعياته..
وهذا ما شاهدناه في العراق، وأفغانستان، وفلسطين، والصومال،..وسوريا وليبيا..والسودان واليمن…
في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يسوق لنا تحت شعار التحديث والإصلاح، الديمقراطي والإجتماعي والتربوي واللغوي، لننخرط فيه/ طوعا متنازلين عن كل قيمنا وتراثنا وهويتنا وانتمائنا؛ نستبدل بها قيم الكاوبوي والكوكاكولا والشذوذ، أو كرها طبقا لنظريات هنتغون وفوكا ياما في صدام الحضارات ونهاية التاريخ، تحت وطأة الضربات الاستباقية بالمطرقة الثقيلة، كما في تورابورا والفلوجة، وإرهاب فضائح التعذيب في غوانتناموا وأبي غريب..
وإذا كانت أمريكا وحليفاتها لم يفصحوا للعالم عن هدفهم من وراء هذه الحروب, فان الثوب الذي ألبسوه لتلك الحروب باسم الحرية والديمقراطية بات معروفا لغير العميان يقول الشاعر:
ثوب الرياء يشف عما تحته@ فإذا التحفت به فانك عاري
فهل تتورط دول الايكواس في حرب قد تزيد الأمر تعقيدا لتفرض اجندة الدول الغربية نيابة عنها؟!
ونسي الأفارقة أو تناسوا أن الغرب مصالح.ولاشيء غير المصالح…
إن تاريخ الغرب_ منذ أن أصبح هذا المفهوم مفهوما سياسيا استراتجيا يكشف عن حقيقة أساس قوامها: مواقف متغيرة وثابت لا يتغير: إن موقف الغرب من العرب أو من الإسلام أو من الصين أومن أية دولة أخرى في العالم, موقف يتغير دائما, وقد يقفز من النقيض إلى النقيض إذا اقتضى الأمر ذاك,أما الثابت الذي يحكم تحركات الغرب وتغير مواقفه فهو(المصالح) ,ولاشيء غير المصالح فعندما تمس مصالح الغرب أو يكون هناك ما يهددها, تتغير المواقف في الحين….
إذا يتبين لنا مما سبق أن الغرب مصالح ولاشيء غير المصالح , وكل حوار معه أو تفكير ضده لا ينطلق من هذه الحقيقة, إنما هو انزلاق وسقوط في شباك الخطاب المغالطى التمويهي السائد في الغرب والهادف إلى صرف الأنظار عن (المصالح) وتوجيهها إلى الانشغال بما يخفيها ويقوم مقامها في تعبئة الرأي العام مثل: الحريات,والثقافة, والديمقراطية…
وما صفع أمريكا لحليفتها فرنسا في النيجر بطعم الخيانة الا دليلا على هذا الكلام!! فلماذا لايختار الافارقة مصلحتهم بأنفسهم؟!