ما إن نشرتُ مقالًا في ذكرى مولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى انهالت عليّ أقلام مشبوهة، تستدل بآيات وأحاديث لتجريم الاحتفال، مع أنها لا تعترض على أعياد دخيلة كعيد المرأة أو عيد الشجرة أو رأس السنة الميلادية!
إنّ محبّة النبي صلى الله عليه وسلم ليست بدعة، بل هي صميم الإيمان، والاحتفاء بمولده إنما هو تعبير عن هذه المحبّة في زمن مادي جافّ، غرق في الشهوات، وأفرغ معتقداته الإلحادية والوثنية في تطبيقات وألعاب ووسائل تفتك بعقول الناشئة قبل الكبار.
احتفال الكائنات بمولده الشريف
كيف لا نحتفل به صلى الله عليه وسلم وقد احتفل بمولده الكون بأسره؟!
أشرقت الأرض، وتصدعت قصور كسرى، وانطفأت نار المجوس، وتباشرت السماوات والأرض والجن والإنس بميلاد خير البرية.
فمولده لم يكن حدثًا عابرًا في التاريخ، بل كان بداية عهد جديد، نقل البشرية من ظلمات الجهل والظلم إلى نور التوحيد والعدل والرحمة.
المولد في الذاكرة الموريتانية
في موريتانيا، لم يكن الاحتفال بالمولد مقتصرًا على يوم واحد؛ بل صار موسمًا متجددًا يُحييه الناس بمدح الرسول ﷺ والتعريف بخصاله، في البوادي والحواضر.
بل إن الدولة الموريتانية أطلقت مسابقات شعرية في رمضان بعنوان “شاعر الرسول”، بالفصحى والحسانية، ليظل اسمه العطر حاضرًا في وجدان الأمة.
وقد صدق شاعرنا حين قال:
حُبُّ طََهَ يُسْتَطَابُ … حَبَّذَا ذَاكَ الْجَنَابُ
إِنَّ أَرْضًا لَيْسَ فِيهَا … حُبُّ طَهَ لَيَبَابُ
وَقُلُوبًا لَيْسَ فِيهَا … حُبُّ طَهَ لَخَرَابُ
فَلْيَكُنْ فِي كُلِّ قَلْبٍ … مِنْ هَوَى طَهَ نِصَابُ
رسالة المولد إلى العالم
اليوم، أصنام العصر ليست حجارة تعبد، بل شهوات ومال وسلطة، والإنسانية أحوج ما تكون إلى رسالته صلى الله عليه وسلم رسالة الرحمة والعدل والهداية.
إنّ الاحتفال بالمولد ليس طقسًا شكليًا، بل هو فرصة لنجدد العهد معه:
بذكر سيرته العطرة،
والإكثار من الصلاة والسلام عليه،
والاقتداء بسنته في حياتنا اليومية.
وكما قال شيخي العلامة حمدا ولد التاه رحمه الله:
“فالتسجلوا عني”أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من صميم قلبي، وأجد في الاحتفال بمولده الشريف فرصة لتجديد المحبة والوفاء له صلى الله عليه وسلم،”
كما أننا نرفض كل من يعاديه أو يسعى لتقويض مكانته في قلوبنا. وعند كل خطوة في هذا الطريق، أرفع قلبي إلى السماء راجيًا شفاعته يوم القيامة، فإن محبته صلى الله عليه وسلم نور يهدي ويحيي القلوب، وذكراه صلى الله عليه وسلم عهد لا ينقطع.”
شعارنا:
السلام عليك أيها النبي صباحًا ومساءً… حبًا واتباعًا.
وفي هذه الذكرى المباركة، نتقرّب إلى الله بالصلاة على حبيبه صلى الله عليه وسلم سائلين المولى أن يصلح لنا الدنيا والآخرة، وليخسأ المتنطعون!!