حسدالعلماء: القاسم المشترك بين البخاري والشيخ الددو!!/د.محمد الحاج محمود طالب

العلامة محمد الحسن ولد الددو يتعرض اليوم لهجمات ممنهجة من بعض من لا يحتملون تفوقه العلمي، ولا يبلغون مداه في الفقه وعلوم الشريعة. ورغم ذلك، يشهد له كبار العلماء وهيئات أكاديمية ودينية عالمية بسعة علمه وحفظه، ووصف بعضهم قدرته بأنها غير مسبوقة في العصر الحديث.

الأستاذ الجامعي الدكتور محمد الحاج محمود طالب يذكّرنا بأن القاسم المشترك بين الددو والإمام البخاري ليس فقط العلم، بل الابتلاء بالحسد والافتراء. فكما حاول بعض العلماء التشويه في زمن البخاري بدافع الغيرة، يتعرض الشيخ الددو اليوم لنفس الهجمات، ليس لطعن في عقيدته أو منهجه، بل بسبب مكانته العلمية وحب الناس له.
الدرس واضح: الحسد لا ينتصر على العلم، والتاريخ يشهد على أن العلماء الحقيقيين يصمدون رغم كل محاولات التشويه.
المرابط ولد محمد لخديم

نص المقال:
القاسم المشترك بين الإمام البخاري والشيخ محمد الحسن ولد الددو.
قد يتبادر إلى الذهن أن القاسم المشترك الذي سأتحدث عنه هو قدرة الددو على الحفظ واستحضار الأحاديث وأسانيدها عن ظهر قلب ، ولكن القاسم المشترك الذي سأتحدث عنه الآن هو حسد العلماء لهما، كما يقول البخاري رحمه الله في وصيته: لا يسلم عالم متقدم على أقرانه من ثلاثة أمور: طعن الجهلاء، وملامة الأصدقاء، وحسد العلماء. وما جرى للبخاري في محنته هو عين ما يتعرض له الشيخ الددو حفظه الله.
على الرغم من أن البخاري مجمع على فضله، وهو المقدم في علمه، والرائد في فنه، لدرجة أن إمام الأئمة ابن خزيمة يقول عنه : ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحفظ له من محمد بن إسماعيل.
ومع هذا كله تعرض لمحنة شديدة، حيث اتهمه بعض علماء نيسابور بأن عقيدته فاسدة وأنه من الجهمية، القائلين بخلق القرآنن، كل هذا الاتهام ما كان ليحدث لو كانت النفوس سليمة والقلوب نظيفة من أمراض الحسد ، حيث إن البخاري أوضح لهم قصده، وفسر لهم مقتضى مقولته بأن أفعال العباد مخلوقة ولكن القرآن غير مخلوق ، ولكنهم لم يكتفوا بذلك لأن الدافع ليس البحث عن الحق وإنما الحسد والمنافسة وحب الرئاسة. تماماً كما هو حال بعض العلماء اليوم مع الشيخ الددو الذي بين قصده وأزال اللبس عما يمكن أن يكون فيه إساءة للجناب النبوي الشريف ، ومع ذلك ما زال هناك من يتخذ منها مطية للتهجم على الددو والنيل منه كما فعل بعض علماء نيسابور مع البخاري بدافع الحسد، لما رأوا إقبال الناس عليه وحبهم له وانصراف طلاب العلم عنهم إلى مجلس البخاري، كل ذلك حرق قلوبهم، خاصة بعد الاستقبال التاريخي الذي استقبل به أهل نيسابور البخاري.فلقد استقبله أربعة آلاف رجل ركبانًا على الخيل، سوى من ركب بغلا أو حمارًا، وسوى الرجالة، وخرج الولاة والعلماء كافة لاستقباله قبل أن يصل المدينة بمرحلتين أو ثلاثة [قرابة المائة كيلومتر مربع]، وبالغوا في إكرامه بصورة لم تكن لأحد قبل، ولا حتى بعده.
إن هذا الاستقبال الحافل كان سبباً في محنة البخاري حيث بدأ الحسد يدب إلى نفوس بعض علماء نيسابور وبدأت الغيرة المذمومة تتسلل إلى قلب كبير علماء نيسابور محمد بن يحيى الذهلي، فبدأ يتربص بالبخاري بحثاً عن خطأ أوخلل في اعتقاد البخاري ليبني عليه في تهجمه عليه، فبدأ يرسل له بعض الطلاب ليسألوه بعض الأسئلة ليمتحنوه، تماما كما يفعل أتباع بعض المشايخ اليوم، وذلك من أجل تحريف الكلم عن مواضعه وتفسيره تفسيرا مغرضاً الهدف منه اتهام البخاري والطعن في عقيدته. وقد سأل أحدهم البخاري قائلاً ” يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن: مخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجب، فأعاد الرجل السؤال ثلاث مرات، فالتفت إليه البخاري، وقال القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة.”
فاستغل محمد بن يحيى الذهلي هذا الجواب واتهم البخاري بالقول بخلق القرآن ، وبدأ يحذر الناس منه ويتهمه بأنه جهمي، ومنع طلاب العلم والناس من حضور مجلس البخاري، لأن هذا الرجل كان له مكانة عند ولاة الأمور وبدأ يشوه صورة البخاري حتى اضطر إلى الخروج من نيسابور سرا وليس معه يشيعه إلا أحد طلابه، فشتان بين الاستقبال والوداع.
ظن هذا العالم الفاسد أنه نجح في التخلص من البخاري بالكبد والمؤامرة، ولكن هيهات ، لقد ذاع صيته البخاري في كل الدنيا. فعلى الذين يشنعون على الددو بدافع الغيرة ظنا منهم أنهم يمكن أن يقضوا عليه وأن يبعدوا الناس عنهم أن بتعظوا من هذه القصة، وكما يقول المثل: إياك أعني واسمعي ياجارة.
د.محمد الحاج محمود طالب أستاذ جامعي مقيم في قطر.

شاهد أيضاً

تائه يبحث؟! :قراءة علمية وروحية في العبقرية الشنقيطية/المرابط ولد محمد لخديم

     رحم الله شيخنا العلامة حمدن ولد التاه، وجزى الله خيرًا الدكتور السيد ولد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *