في الاسبوع الماضي عندما كنت أعد لبحث عن عين افريقيا او(قلب الريشات) تفاجأت بعشرات العناوين عن هذا الموقع المحير للعلماء مثل: عين الصحراء في المريخ تثير فضول العلماء!! (وكالة الفضاء الاوروبية).
تشبه عين الصحراء في موريتانيا علماء يحاولون تفسير صورة جديدة من المريخ!! (مونت كارلو الدولية).
Comment puis-je voyager vers «l’oeil du Sahara»? Y a-t-il des visites?
يتساءل عدد كبير من المهتمين…؟!
وهذا ماشجعني لكتابة هذا المقال الموسوم :بعين الصحراء (موريتانيا): اكتشافات جديدة حيرت العلماء!!
https://alakhbar.info/?q=node/41065
بعد النشر انهالت علي الردود من الداخل والخارج الا السلطات المعنية وزارة الثقافة والرآسة لم اتلق اي رد منهما!!
من بين الردود الكثيرة التي وردت الي نختار هذه المقتطفات في عجالة:
Khalla Ely Salem:
ملاحظات قيمة، في إطار أهمية الموقع بصفتي آمين عام منظمة الإتصال الدولي ومهتم بالموضوع منذ فترة طويلة
أطالب السلطات المعنية وخاصة رئيس الجمهورية محمد ول الشيخ الغزواني بالأهتمام بالموضوع…
ميشل باسك و العالم الكندي ميشل جبراك مستعدين لمساعدة موريتانيا إلي لفت انتباه العالم حول الموضوع…).
آخرون قالوا أنهم وصلوا الى عين المكان مع علماء وباحثين ولكنهم تفاجؤا بانعدام البنية التحتية لهذا الموقع المهم
مما جعلهم يخجلون حسب قولهم…!!
ليس من السهل ان نقف متفرجيين ونحن نرى الاكادميات والجامعات والهيآت العلمية والصحف المرموقة الدولية والعالمية وعلى رأسهم NASA ناسا الامريكية ووكالة الفضاء ESA الاوربية يتحدثون عن موقع بخصنا ونحن لا نحرك ساكنا على الاقل يجب ان نشاركهم هذا الاهتمام الغير مسبوق..!!
فالمثقف الذي جمع من المعلومات قسطاً كبيراً ، ينبغي ألاَّ يقتصر على الجمع والاستقصاء والارتشاف والاستقاء.. للمعلومات فحسب ، بل يطمح بأن يكون له دور ريادي في إصلاح الواقع الذي يعايشه!
في وقت سابق كتبت مقالا بعنوان: سفارة الكتاب بين الكبوة والنهوض..
http://aqlame.com/node/2040
حاولت ان ابين سفارة الكتاب في تمثيل البلد..
منذ القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين والفكر الشنقيطي يواصل ارتقاءه الثقافي الدؤوب ارتقاء يمد جسرا للحاضر، ينقل عبره فكر بلاد شنقيط ليأخذ مكانه طيفا من أطياف الثقافة العربية الإسلامية…
وهذه الثقافة لم تظهر دفعة واحدة بل تبلورت عبر مراحل ومجهود أثقل كاهل هؤلاء العلماء الأفذاذ في تحصيل دؤوب عن طريق قوافل الحج التي كانت تجلب الكتب من الحجاز ومصر وبلاد المغرب العربي وعن طريق الرحلات العلمية التي كان يقوم بها البعض بحثا عن الكتب و الورق. فقد ظل علماء الشناقطة يراسلون نظراءهم في البلاد العربية ويسألونهم عن نوادر المخطوطات وأماكن وجودها ،فكانوا يطلبون المخطوطات من السلاطين والملوك ويسافرون إليهم من أجل الحصول عليها. وقد أهدى سلطان المغرب لإبن رازكة مكتبة عاد بها من المغرب كما عاد الشيخ سيديا من رحلته إلى مراكش بمكتبة كبيرة وقد رحل الشيخ محمد اليدالي بن سعيد إلى أغادبر وعاد ببعض الكاغد الشاطبي وازدهرت سوق المخطوطات في بلاد شنقيط التي اهتم أهلها بالكتاب واشتروه بأثمان غالية، فقد اشتري “موهوب الجليل شرح مختصر خليل” للحطاب بفرس عتيق، كما أشتري القاموس المحيط بعشرين بعيرا!! .
وانتشر نساخ المخطوطات الذين هم بمثابة دور للنشر وتنافسوا في استنساخ المخطوطات وجلب نوادرها، فكان ذلك ضمانة لبقاء هذه المخطوطات ونشرها في زمن لم تظهر فيه وسائل الطباعة الحديثة.، مع الفارق الكبير في ما توفر لنا من وسائل وما كان لديهم من إمكانيات،!!
إن موريتانيا قادرة على استعادة ريادتها الثقافية والفكرية بعد كبوتها..!!
ليس سرا أننا مازلنا نعيش اليوم على أمجاد الشناقطة الأوائل، للحصر: آب ولد اخطور محمد لمين الشنقيطي محمد محمود ولد التلاميد الشنقيطي وغيرهم…
صحيح أن علماءنا المتأخرين: محمد سالم ولد عدود الشيخ حمدا ولد التاه الشيخ المحفوظ ولد بي الشيخ محمد الحسن ولد الددو رفعوا علم بلادهم في المحافل الدولية وهذا جهد مقدر ويحظى باهتمام ومتابعة. ولكنهم لم يؤلفوا بقدر غزارة علمهم فهم يفضلون الحفظ في الصدور بدل السطور غير أن السلف غيض لهم الله من نشر ودرس علمهم…
لنأخذ مثلا محمد محمود ولد التلاميد حيث أعتمد كسفير فوق العادة ممثلا لسلطان عبد الحميد في استكهولم السويد
وكذالك في مصر والحجاز وأعمال محمد لمين الشنقيطي في مصر.. والأمين الشنقيطي في العراق وأولاد ماياب في الأردن وبهذا تصدق المقولة أن موريتانيا لا يمكنها أن تحقق شيء إلا بالثقافة…
ويكون هؤلاء الشناقطة قد حققوا بالكلمة والمعلومة مالم تحققه الحكومات على مدى 59سنة, فعلى مدى عقود من الزمن وموريتانيا تفتح في السفارات وتبعث بالسفراء وتنفق الملايين,, وفى الأخير تتفاجأ بأن هؤلاء السفراء الا من رحم الله أصبحوا سفراء حقائب, يقضى الواحد منهم ما شاء أن يقضى في الخارج في ترف منقطع النظير. وعندما تحين العودة إلى الوطن تمتلئ الشنط بما غلا ثمنه وخف وزنه, بدليل ما نشاهده الآن على شاشات الفضائيات العربية والدولية من استهزاء وتلكأ بكل ما هو موريتاني..!!
وهذا ما يوضح تقصير هؤلاء السفراء عن دورهم المنشود في التعريف بالبلد..وهم الذين استنزفوا خيرات هذا البلد عبر عقود.. !!
فيكفي أن نعمل جردا عاديا لرواتبهم وميزانياتهم التي تجاوزت ما وراء البحار, لتتبين مدى خلل التفكير عند هؤلاء!!
ولا ينبئؤك مثل خبير، فسفراؤنا الحاليين والمتقاعدين عندهم خبر اليقين.غير أننا نرجح دائما الشعر أو “الغناء الحساني” ليتكلم بلسان حال هؤلاء قبل لسان مقالهم. والقصة تحكى عن أحد الذين عانوا من تسيب سفاراتنا في الخارج.
كان أحد سفرائنا في أحدى الدول الشرق أوسطية والتي عادة ماتمنح نوعين من الطلاب: طلاب عاديين، وطلاب من جهات أخرى، ونظرا للتأخر المنحة واقتراب ذهاب الطلاب العاديين في العطلة الصيفية إلى البلاد، وكان آنذاك يوم الاثنين آخر أيام السنة الدراسية وهو اليوم المحدد للقاء السفير بالنسبة للطلاب العاديين لذلك لجأ السفير إلى استبدال يوم الاثنين بالخميس بعد علمه بأن هؤلاء الطلاب سيذهبون يوم الاثنين في العطلة الصيفية “مناورة منه”، مدعيا أن ذلك اليوم من نصيب الطلاب الآخرين, فقال قائلهم بالشعر “الحساني”:
يلگ كَانٌ الطلًاب ** كَلٌ أثٌنين أُذَ طَابٌ
أعليه أولا ينصاب **عن ملگاه أفلثنين
ذا السفير أو ينهاب ** أفست أيام أخرين
غير إبان أراعيه ** أتاليل مسكين
يتخاف عاد أعليه ** لخميس أمع لثنين
لذا يجب على دولتنا آن تعيد النظر في ركيزتي التمثيل الدبلوماسي، و التعليم والبحث العلمي، فإنه من الصعب على الدول التي تهمشهما أن تحافظ على توازنها الذاتي، مع تلبيتها لمطلبي الثبات والتغير. وبوجود خلل في هذه العوامل فستصاب حتما بالتقادم والعجز .!!
وما الاهمية التى توليها الاسرة العلمية الدولية والعالمية اليوم لموقع (كلب الريشات او عين الصحراء) الموريتاني الا فرصة سانحة يجب ان نقتنصها لتصبح موريتانيا شنقيط قبلة للبحث العلمي كما كانت قبلة للثقافة والعلم الشرعي!!