ابتعدنا كثيرا عن كلام الله القرآن العظيم وربما يصدق علينا قوله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا} سورة الفرقان الاية: 30
فقد اتّخذ كثير من المسلمين القرآن كتابًا للبركة في بيوتهم وعزاءاتهم ..،!!
وكثير منهم لا يتناولون القرآن إلا من رمضانَ إلى رمَضان…!!. والتبرك والحصول على مزيد من الحسنات لا كمعانٍ وفِكرٍ وكتاب للتدبّر قال تعالى: “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”، محمد الآية: 24.
والقرآن الكريم منهج ودستور حياة يضبطُ اعوجاج الإنسان،ويرشده الى وظيفته في الحياة كخليفة في الارض
وذلك بنظرتهِ الشموليَّة، التي تصلح لكلِّ زمانٍ ومكان.
{إِنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ} الاسراء الآية:9.
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ}.الملك الإية:14.
الفت في الاعجاز العلمي وفلسفة العلوم كتبا تحت عناوين مختلفة: معرفة الله : دلائل الحقائق القرآنية والكونية وكان لي رأي الخاص في هذا المجال محاولا ان اوفق بين آراء ‘مفرطة وأخرى مفرطة مبينا قدرة الله في مخلوقاته من الذرة الى المجرة وربط تلك العلوم بالخالق العظيم عز وجل على السنة الدلائل والسنة الخلائق…(1)
صحيح أن القرآن ليس كتابا في العلوم التجريبية الرياضيات الفيزياء الفلك ولافي العلوم الانسانية الآداب اللسانيات والفنون رغم مافيه من اشارات عن هذه العلوم او تلك وهي حقائق أثبت العلم الحديث ويثبت صحتها وهذه العلوم..لم يأت بها لتأصيل أصول فنية أو تثبيت قواعد علمية وانما ذكر ذالك في مجال العظة والعبرة والاستدلال على قدرة الله وحكمته في مخلوقاته…
والكتاب عندما ينقلك من الذرة ومافيها من عجائب: النواة ولبروتونات والألكترونات وكل يسبح في مسار معين!! الى المجرة درب التبانة والشمس والكواكب التي تدور حولها وهو نفس النظام في الذرة!!
والمسافات بين النجوم والكواكب ومليارات المجرات التي تتضائل أمامها مجرتنا درب التبانة حتما سيدهشك عظمة الخالق المتجلية في خلقه وانت تسبح باسمه عز وجل في خشوع وتواضع:
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿۱﴾ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ﴿۲﴾ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ} ﴿۳﴾ سورة الاعلى الآية: 1-3.
وبعد ان يصل الانسان في رحلته العقدية الى وجود الخالق ويقتنع اقتناعا جازما بأن هذا الكون مخلوق لخالق أصبح يتشوق الى هذا الخالق العظيم ويبحث عن مايرشده اليه ؟!
فالعقل بعد أن يصل إلى الحكم بحقيقة وجود الله عن طريق الآثار التي خلقها الله سبحانه وتعالى يرى نفسه عاجزا عن فهم الحقائق المحيطة والمتصلة به، ويرى من الواجب أن يكون هناك اتصال واضح بينه وبين خالقه ليرشده ويهديه إلى الأمور التي يقف عاجزا أمامها ولا قدرة له على حلها. ولما كان العقل محدود والمحدود لا يستطيع أن يتصل بغير المحدود !؟
شاء الله العظيم الخالق المدبر أن يتصل هو بنا.
ثم أتت رسل تخبر أنها أرسلت من الله، ببراهين تفوق عقل الإنسان، فأتى موسى وعيسى ثم محمدا صلى الله عليه وسلم فعلى هذا يكون البرهان الذي يأتي به الرسل هو المعجزة البشرية التي تثبت حقيقته وتبين هويته، وتظهر رسالته وتؤكد بأنه رسول من عند الله.
والمعجزة الأخيرة هي القرآن الكريم الذي أتى يجدد من الناحية الشرعية علاقات الإنسان بنفسه وبخالقه الكريم، وبغيره من بني الإنسان.
وهذا هو موضوع كتابي الثاني : دين الفطرة: استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية؛ الذي يحاول ان يجد دينا يوافق (الفطرة) منذ وجود الانسان الى يوم الناس هذا بأدلة: لغوية فيزيائية ورياضية وفلسفية وعلمية ودينية..(2)
هذه الكتب والمقالات والبحوث(3) ارشدتني الى اعداد سلسلة بعنوان: مع القرآن لفهم الحياة !!
وهو في لواقع ليس تفسيرًا ولا محاولة للتفسير؛ فهذا الميدان له رجاله من العلماء الاجلاء رحمهم الله.
لكنها محاولة لتبسيط الافكار والاراء التي تقدمت في الكتب والبحوث السابقة..لتكون في متناول الجميع قد يجد فيها الطالب المحظري والنظامي وحتى القاريء العادي جوابا عن الحياة والكون والانسان…
فالإنسان بفطرته طلعة لا يقتنع من الحياة بمظاهر أشكالها وألوانها كما تنقلها إليه حواسه أو كما ينفعل بها شعوره، بل يتناولها بعقله، وينفذ إليها ببصيرته ليعرف حقيقة كل شيء.. من أين جاء؟ وكيف صار؟ وإلا ما ينتهي؟
و في إشباع رغبته تلك لا يدخر وسعا من ذكاء أو جهاد حتى يبلغ من ذلك ما يطمئن إليه عقله وتستريح به نفسه..
ولأن المحظرة هي ديدان القرآن وعلومه فمن الواجب الأخذ منها والتفرغ لها..
لكن هذه المرة ليس أخذا عارضا كالحفظ والتجويد فقط!! بل ان القرآن بعد رحلة البحث عن الحقيقة شرقا ومغربا أصبحنا نحفظه بتدبر وندرك معانيه بتفكر..
ان وجودنا في هذه الدنيا هو لهدف وغاية سامية وهي معرفة الله عز وجل، وعبادته والتوجه إليه مباشرة…
نرجوا من الله ان يعيننا على حفظ كتابه وفهم معانيه كما أعاننا على تأليف كتبنا العقدية السابقة: معرفة الله ودين الفطرة.
الهوامش:
القرآن الكريم.
الكتب؛
(1)معرفة الله:دلائل الحقائق القرآنية والكونية ،المرابط ولد محمد لخديم تصدير :الشيخ العلامة حمدا ولد التاه: تقديم:الدكتور حسين عمر حمادة رئيس الدراسات والبحوث باتحاد الكتاب العرب فرع دمشق الطبعة الأولى دار الوثائق دمشق 2001م الطبعة الثانية دار وحي القلم سنة 2002م وهو الحاصل على جائزة شنقيط للدراسات الإسلامية في نسختها الثانية سنة2003م
(2) دين الفطرة: استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية من تصدير: الدكتور محمد المختار ولد اباه رئيس جامعة شنقيط العصرية، والمفكر الإسلامي سمير الحفناوي عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب بمصر، وتقديم الأستاذ الدكتور أحمدو ولد محمد محمود مدير مشروع دكتوراه تخصص الفيزياء بكلية العلوم والتقنيات جامعة انواكشوط العصرية، تصدير: سماحة الشيخ الدكتور أمين العثماني عضو اللجنة التنفيذية بمجمع الفقه الإسلامي بنيودلهي الهند الطبعة الأولى مجمع الفقه الاسلامي بالهند 2010م الطبعة الثانية دار المعراج بيروت لبنان 2014م
(3) مئات المقالا والبحوث نشرت في مجلات وصحف عربية ووطنية بعناوين مختلفة مثل:عقيدتي من التقليد الى التسليم ..الملاحدة الجدد بين الجهل والضياع!! هل تفسر الاديان ماعجز عنه الانسان!! الجديد في مفهوم الروح؟! تائه يبحث: مدخل علمي الى الايمان!! الروح ..الحباة…الموت..مفاهيم تذكر فتغض مضاجع البشر!!
اللغة العربية بين مكائد أعدائها واتهزام أبنائها!!
وسلسلة مع القرآن لفهم الحياة.
شاهد أيضاً
لحظة تأمل!!/المرابط ولد محمد لخديم
في الانشغال بمطالب العيش، والاعتمار في غمرة الحياة ينسى الناس أن يفكروا، فيتساءلون: …