حين يصمت الجمهور ويصدح الضمير: قراءة في بيان الشيخ بسام جرّار/المرابط ولد محمد لخديم

في خضم النقاشات المحتدمة والآراء المتباينة حول الخيارات السياسية والعسكرية للمقاومة الفلسطينية، ظهر خطاب قصير ومختصر للشيخ بسام جرّار، لكنه حمل في ثناياه عمقًا استثنائيًا ودقة في التوقيت وبلاغة في التعبير.
الشيخ الفلسطيني المخضرم، المعروف بقراءته المتأنية للأحداث وتفكيكه الحكيم للمواقف، قدم خطابًا مختلفًا عن المعتاد؛ خطابًا لا يفرض وجهة نظر، ولا يصدر أحكامًا، بل يعيد الثقة إلى الفاعلين في الميدان، ويفوض إليهم القرار الذي لا يحتمل تدخلاً خارجيًا أو ضغوطًا من المتفرجين.
في نصه، يعيد جرّار ترتيب العلاقة بين الجمهور والمجاهدين، ويقول بحزم:
  “نحن خارج المعادلة منذ البداية، فلا تقيموا لنا أي اعتبار…”
هذا التصريح يشكل حدودًا واضحة ضد ضغط المتفرجين، ويفشل كل محاولات التأثير على قرار المقاومة، مؤكدًا أن أصحاب الميدان وحدهم أهل القرار والأحق بتحمل المسؤولية.
   وليس أقل أهمية، أن الشيخ لا يقيس النصر فقط بالنتائج الميدانية المباشرة، بل يكرّس منطقًا جديدًا في فهم مفهوم النصر:
    الصمود نصر، والتراجع نصر، والتفاوض نصر، والشهادة ذروة النصر.
وبين هذه السطور ينبعث شعور عميق بالمسؤولية الأخروية، إذ يقول:
“سنحاول إبراء ذممنا يوم القيامة…”

   خطاب الشيخ جرّار، إذاً، خطاب يعطي ولا يطالب، يساند ولا يُزايد، وينطلق من قاعدة راسخة:
“من في الميدان أعلم، ومن يدفع الثمن أحق بالقرار.”
وفي بلدي موريتانيا، من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، تنطلق الدعوات لغزة في الصلوات على مدار الساعة، ويتكافل الجميع لدعم القضية الفلسطينية بكل ما يملكون. هذا الدعم هو ترجمة حقيقية لصمت الجمهور وصداه الضمير، وهو رسالة واضحة بأن الموقف التضامني لا يقتصر على الكلمات بل يتعداها إلى أفعال القلوب واليدين.

      في زمن تعصف فيه رياح السياسة وموجات التضليل، يذكّرنا بيان الشيخ بسام جرّار بأهمية الثقة بالفاعلين الحقيقيين، والتزام الحكمة والصبر، والتمسك بقيم التضحية والصمود. هذه هي الرسالة التي تحتاج إليها الشعوب التي تؤمن بالحق والحرية في أوقات المحن.
فمن لم ينتصر لغزة فاليراجع اسلامه!!
المرابط ولد محمد لخديم

نص الخطاب:
الى أهلنا في غزة؛
إذا عقدتم صفقة، سنقول عنها إنها أفضل صفقة!
إذا لم تعقدوا صفقة، سنقول: الأفضل أن لا يفعلوا!
إذا أوقفتم الحرب، سنقول: لقد انتصرتم!
إذا اتفقتم على هدنة طويلة، سنقول: هذا المتاح.
إن بقيتم، سنقول: أبطال!
إن متّم، سنقول: شهداء!
لا تحسبوا لنا حسابًا، فوالله لا ينال منكم ولا ينتقصكم إلا منافق معلوم النفاق.
   نحن خارج المعادلة منذ البداية، فلا تقيموا لنا أي اعتبار. سنحاول إبراء ذممنا يوم القيامة بأن نظل داعمين لكم، داعين لكم، فإن لم تروا منا خيرًا، فليس أقل من أن نكف شرورنا عنكم.
  إن توقفتم، سنقول: أدّوا ما عليهم.
إن واصلتم، سنقول: إنه صمود لا نظير له!
الشيخ بسام جرّار
هذا ذكرني بمقابلة الداعية السعودي العواجي عندما قال:

شاهد أيضاً

الأطباق الطائرة: من السرية العسكرية إلى الاعتراف الرسمي…!!/ المرابط ولد محمد لخديم

      شكلت ظاهرة الأطباق الطائرة واحدة من أكثر الموضوعات إثارة للجدل خلال القرن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *