مع القرآن لفهم الحياة (الحلقة:(11)
فقد كانت كل قبيلة تختلف في النطق عن الأخرى بوجوه من الاختلافات كثيرة، حتى باعد ذالك بين ألسنة العرب وأوشك أن يحول اللغة الواحدة إلى لغات عدة متجافية لا يتفاهم أهلها ولا يتقارب أصلها.
ولقد بلغ من تخالف هذه اللهجات وتباعدها، أن كثيرا من وفود هذه القبائل التي أخذت تفد في صدر الإسلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يلقون كلمات وخطب لا يكاد يفهمها القرشيون من أصحابه عليه الصلاة والسلام ولقد قال علي رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سمعه يخاطب بني نهد:
يا رسول الله، نحن بنو أب واحد، ونراك تكلم وفود العرب بما لم نفهم أكثره! .. فقال عليه الصلاة والسلام :” أدبني ربي فأحسن تأديبي”(40)
فلما نزل القرآن، وتسامعت به العرب، وائتلفت عليه قلوبهم، أخذت هذه اللهجات بالتقارب(41) وبدأ مظاهر ما بينها من خلاف تضمحل وتذوب، حتى تلاقت تلك اللهجات كلها في لهجة عربية واحدة ، هي اللهجة القرشية التى نزل بها القرآن وأخذت ألسنة العرب على اختلافهم وتباعد قبائلهم تنطبع بطابع هذه للغة القرآنية الجديدة. فكان ذالك سر هذا الشريان السحري العجيب الذي امتد في أجلها، فاستصلبت وقويت بعد تفكك واتحدت بعد تناثر، ثم مرت على مصرع أعظم لغة عالمية شاملة هي (اللاتينية) بينما تغلي هي حيوية وقوة وإشراقا.
فكيف تمكن مع ذالك دراسة شيء من أدب هذه اللغة دون دراسة روحها التي تعيش بها وشريانها الذي يمتد فيها وينشأ من أجله.!؟
شاهد أيضاً
دعوة للحاصلين على جائزة شنقيط يوم الثلاثاء 19 ربيع الثاني 1416 هجرية الموافق 22أكتوبر 2024م.
إلى إخوتي الكرام المبدعين والباحثين الذين نالوا جائزة شنقيط بفروعها الثلاثة، عن …