الرئيسية / فضاءات / لبحث العلمي في موريتانيا: من المرحلة صفر إلى المجهول!! الدكتور احمدو ولد محمد محمود

لبحث العلمي في موريتانيا: من المرحلة صفر إلى المجهول!! الدكتور احمدو ولد محمد محمود

البحث العلمي في موريتانيا: من المرحلة صفر إلى المجهول!!

يحتل البحث العلمي في الوقت الراهن،مكاناً بارزاً في تقدم النهضة العلمية حيث تعتبر المؤسسات الأكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي. وفي غيابها عن الكثير من الدول كبلدنا يجعلنا متأخرين عن الركب الحضاري بعقود..

و يسهم البحث العلمي في العملية التجديدية التي تمارسها الأمم والحضارات لتحقيق واقع عملي يحقق سعادتها ورفاهيتها، فهو يعمل على (إحياء المواضيع (والأفكار) القديمة وتحقيقها تحقيقاً علمياً دقيقاً، وبالتالي تطويرها للوصول إلى اكتشافات جديدة.. واجتماعياً، يسمح البحث العلمي بفهم جديد للماضي في سبيل انطلاقة جديدة للحاضر ورؤية استشرافية للمستقبل…
و يقوم على طلب المعرفة وتقصّيها والوصول إليها ، فهو في الوقت نفســـــــه يتناول العلـــــــوم في مجموعها ويستند إلى أساليب و مناهج في تقصيه لحقائقها وما الباحث العالم إلا رسول المعرفة إلى ركب الإنسانية الكبير .
ولقد أصبحت الحاجة إليه في وقتنا الحاضر أشد منها في أي وقت مضى، حيث أصبح العالم في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المثمرة التي تكفل الراحة والرفاهية للإنسان وتضمن له التفوق على غيره.
وبعد أن أدركت الدولُ المتقدمة أهمية البحث العلمي وعظم الدور الذي يؤديه في التقدم والتنمية.. ا.
والإلمام بمناهج البحث العلمي وإجراءاته أصبح من الأمور الضرورية لأي حقل من حقول المعرفة، بدءاً من تحديد مشكلة البحث ووصفها بشكل إجرائي واختيار منهج وأسلوب جمع المعلومات وتحليلها واستخلاص النتائج.. وتزداد أهمية البحث العلمي بازدياد اعتماد الدول عليه، ولا سيما المتقدمة منها لمدى إدراكها لأهميته في استمرار تقدمها وتطورها، فعلى سبيل المثال:
نجد أن البحث العلمي في البلدان العربية ما يزال دون المستوى المنشود ، حيث أن الدولة العربية مجتمعة لا تنفق على البحث العلمي من إجمالي دخلها القومي سوى 0.2 بالمئة بينما تنفق إسرائيل 4 بالمئة إلى 5 بالمئة من إجمالي دخلها بإجمالي 14 مليار دولار عام 2003 مثلا في وقت تشير بعض الإحصائيات إلى أن المعدل العالمي للإنفاق على البحث العلمي قد بلغ 1.62 بالمئة من إجمالي الموارد المالية للدول عالميا.
وبمقارنة بسيطة نرى أن بعض الدول توجهت إلى البحث العلمي منذ سنين وقد كانت في نفس مستوى التخلف الذي كانت عليه البلدان العربية, قد بدأت تعرف قفزة تنموية واضحة في السنوات الأخيرة بفضل اهتمامها بالبحث العلمي و ربطه بالاستثمارات المحلية و الجهوية و الدولية مثل ماليزيا التي تخصص أزيد من 02 مليار دولار للبحث العلمي وحده. و كذلك الصين التي رفعت حجم إنفاقها على البحث العلمي من 0.5 بالمئة من دخلها القومي عام 1995 ، وإلى 2.89 بالمئة عام 2000 ورفعته كوريا الجنوبية من 0.6 بالمئة عام 1980 إلى 2.89 بالمئة عام 1997 فيما بلغ إنفاق كل من الولايات المتحدة الأمريكية ، اليابان و الإتحاد الأوروبي مجتمعين 417 مليار دولار 3على4 الإنفاق العالمي على البحث العلمي

إذا أسقطنا هذه الحقائق على بلدنا موريتانيا فإننا نجد أن البحث العلمي لم نجد له ذكر قبل مطلع سنة 2004 م والتي يمكن أن نطلق عليها المرحلة صفر.
يناير 2004: ظهور مديرية البحث العلمي في هيكلة وزارة التهذيب الوطني في إطار مديرية عامة للتعليم العالي والبحث العلمي وهذا ما يمكن أن نسميه (الوضعية 1).
أغسطس 2005: إدارة البحث العلمي إدارة مركزية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي (الوضعية 2).
ابريل 2007: عودة للوضعية 1
ابريل 2008: عودة للوضعية 2
أغسطس 2008: عودة للوضعية 1
أغسطس 2009: عودة لوضعية مشابهة لـ2 (وزارة التعليم الثانوي والعالي).
دجمبر 2010 _ 2011 م . مرحلة المجهول؟؟!!
وهذا ما تؤكده نصوص القوانين التالية:
الأمر القانوني رقم 007-2006 المنظم للتعليم العالي الصادر بتاريخ 20 فبراير 2006.
تنص المادة 2 على أن البحث العلمي من ضمن أهداف التعليم العالي والمادة 5 على أنه من المهام الأساسية للجامعات العمومية.
المرسوم رقم 126-2006 المحدد للنظام الخاص للمدرسين الباحثين الصادر بتاريخ 04 دجمبر 2006.
تنص المادة 3 على أن ترتيبات هذا المرسوم تنطبق على الباحثين مع مراعاة تغيير ما يلزم.
المرسوم رقم 163-2009 المحدد لآليات إنشاء وتنظيم وسير مخابر ووحدات البحث الصادر بتاريخ 29 ابريل 2009.
النصوص الترتيبية لهذا المرسوم ما تزال قيد الانجاز.
المرسوم رقم 023-2008 المحدد للنظام الأساسي لعمال بحوث المحيطات والصيد الصادر بتاريخ 13 فبراير 2008.
وبهذا يعتبر البحث العلمي فتي إلى حد ما في موريتانيا وهذه الخاصية سلبية وايجابية في آن واحد فهي سلبية كونها تسبب نوع من الإحباط خاصة في مجتمع كمجتمعنا تعود على القضايا الجاهزة بدون أن يكلف نفسه عناء التميز بين الماء والسراب..
وهي ايجابية إذا أخذت الدولة بزمام المبادرة وتوجهت نحو البحث العلمي كتوجهها الآن نحو سرقة الأموال العمومية…
وقد يساعدها في ذالك إذا توفرت الإرادة, هذا الكم الهائل من المؤسسات التي يجب أن يكون توجهها علميا مثل: مؤسسات التعليم العالي والبحث
جامعة انواكشوط:
كليات (الآداب والعلوم الإنسانية والعلوم القانونية والاقتصادية والعلوم والتقنيات والطب)
477 مدرس وباحث
العديد من مجموعات البحث (الطاقات المتجددة والبيئية والعلوم الأساسية والعلوم الإنسانية والاجتماعية… إلخ).
المدرسة العليا للتعليم:
أكثر من 50 مدرس وباحث
بعض مجموعات البحث (علوم التربية الأعشاب الطبية.. إلخ)
المعهد العالي للدراسات والبحوث الاسلامية:
حوالي 70 مدرس وباحث
مجموعات بحث في مجال العلوم الشرعية والاعلام.
المعهد العالي للتعليم التقني بروصو:
انشأ حديثا وما يزال اكتتاب المدرسين والباحثين قيد الانجاز.
مؤسسات البحث المتخصصة
المعد الموريتاني للبحث العلمي:
أقدم مؤسسة بحث في البلاد أنشأت سنة 1974 ومقره في انواكشوط
مجال البحوث: الآثار والتراث بجميع أنواعه: المكتوب والمرئي
جهة الوصاية: وزارة الثقافة والشباب والرياضة.
المعهد المرويتاني لبحوث المحيطات والصيد:
– أنشأ سنة 1978 ومقره في انواذيبو شمال البلاد
– مجال البحوث: الثروة السمكية
– المؤسسة الوحيدة خارج التعليم العالي التي تتوفر على نظام خاص بالباحثين فيها إلا أنه لم يطبق بعد.
– جهة الوصاية: وزارة الصيد والاقتصاد البحري.
المعهد الموريتاني للبحوث في مجال الصحة العمومية:
أنشأ 2005 على أنقاض المركز الوطني للصحة الذي كان قد أنشأ سنة 1978 ومقره انواكشوط
يهتم بالبحث في مجال الصحة العمومية ومتابعة الحالة الصحية والوبائية في البلاد.
جهة الوصاية: وزارة الصحة.
المركز الوطني للبحوث الزراعية والتنمية الزراعية:
أنشأ سنة 1974 ومقره كيهيدي في جنوب البلاد
مجال البحوث: الزراعة
جهة الوصاية: وزارة التنمية الريفية.
المركز الموريتاني للتنمية الحيوانية والبحوث البيطرية:
أنشأ سنة 1973 ومقره انواكشوط
مجال البحث: التنمية الحيوانية وصحة الماوشي
الجهة الوصية: وزارة التنمية الريفية.
المكتب الموريتاني للبحوث الجيولوجية:
أنشأ سنة 1980 ومقره في انواكشوط
مجال البحث: الثروات المعدنية
الجهة الوصية: وزارة الصناعة والمعادن.
لكن هذه المؤسسات الهائلة لن تؤدي دورها المرسوم لها أصلا إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن من إهمال شبه كامل لهذا القطاع وعدم تمويله إذا أن الصندوق الوطني FNARS الذي أنشئ أصلا لهذا الغرض في حالة توقف منذ سنتين لغياب التمويل.
وسيبقى البحث العلمي في حالة شلل تام متذبذبا بين المرحلة صفر والمجهول!!

شاهد أيضاً

مابين الاسلام والرئيس الفرنسي ماكرون!!/المرابط ولد محمد لخديم

      في يوم الجمعة الموافق 2 أكتوبر 2020م قال الرئيس الفرنسي ماكرون: أن …

اترك رد