عرفتُ الشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا عن قرب، لا من خلال السمع أو الرواية، بل من خلال التجربة والمعايشة، إذ تشرفت بالدراسة لبعض الوقت في محظرته العامرة بقرية “تندوجه”، تلك القرية المباركة التي كتبت عنها في مقالات سابقة، مستعرضًا أبعادها العلمية والروحية والسياسية.
ولكني في هذه التدوينة أخصّ الشيخ عبد الله بالذكر، فقد لمست فيه مثالًا نادرًا في الإخلاص والعطاء والتجرد في سبيل الله والعلم.
كان يشرف بنفسه على تسيير شؤون الطلاب والأساتذة، الذين يبلغ عددهم المئات من مختلف شرائح المجتمع، دون كلل أو ملل، موفّرًا للجميع – دون استثناء – السكن والدراسة والمأكل والمشرب والملبس، وكل ذلك مجانًا، ابتغاء وجه الله الكريم.
وقد يمكث الطالب عنده سنوات، بل عشرات السنين، ينهل من معين القرآن الكريم وعلومه، ويحفظ المتون، ويتأدب بأدب العلماء الربانيين، في بيئة يغمرها الصفاء الروحي والنقاء العلمي.
لهذا، أكنّ لهذا الرجل الجليل كل الاحترام والتقدير، وأسأل الله أن يمتعنا ببقائه، ويقرّ عينه بابنه، ويجعله ممن طال عمره وحسن عمله، ويبلّغه أمنيته في الدنيا والآخرة.