يبدو ان مجتمع الشائعات ليست له حدود لافرق عنده بين العالم والجاهل..
إن الشائعة عادة ثقافية متداولة لدى فئات عريضة من الشعب الموريتاني يجد فيها البعض التأثير على الأحداث في مجتمع يهتم كثيرا بالقيل والقال..
خاصة بعد توفر وسائل خطيرة مثل الموبايل والانترنت ووجود ساحة خصبة لهذه الشائعات..
وهي حدث أعيد إنتاجه عدة مرات وخطورتها أنها لا تعتمد على مصادر مباشرة موثوقة تأتى عادة لتغطى فراغا معرفيا تعذر سده بطرق السليمة…
ولهذا فإنها تنتشر في المجتمعات التي لا تتوفر على طرق شفافة ومحايدة لتناول المعلومات الصحيحة…
كنت كالعادة أتصفح يوميا المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة كل جديد خاصة واني الان في مدينة ازويرات..
لفت انتباهي شاءعات بأن الشيخ حمدا مريض واصبح يحمل في البطانيات الهدف من هذه الشاءعة هو اقالته من رابطة العلماء التي أسسها من لاشيء وقضى فيها العمر كله…
وهذه الشاءعة لاتختلف عن سابقتها حيث كنت موجودا في انواكشوط في دار الشيخ..واتضح بعد ذالك انها شائعة لكن الهدف منها مازل لغزا؟!
حمدا مثال للعالم الشنقيطي المالكي الذي بلغ الغاية في الثقافة وفي الانفتاح على عصره بكل مستجداته ، ما أهَّله إلى تربية الأجيال على الوسطية السمحة التي لاغلو فيها ولاشطط ولا انحراف .
ولو كانت تستهويه الألقاب والأبهة والأموال الطائلة لما أعازه الوصول إلى كل ذلك بأبسط الطرق وهو الذي شهد بداية دخول كل التيارات إلى البلاد وخاصة منها تلك التي تغري بالأموال الطائلة ، لكنه فضل التمسك بشنقيطيته ومالكيته ووسطيته على كل ذلك ،
في الماضي القريب رفعت هذه الدول من سقف تمويلاتها للرابطة بإبنشاء مباني وتمويلات وسيارات…..
ولكنه ظل عصيا على كل ذلك كان يعرف المقابل فظل متمسكا بالبعد و النأي بعلمه ووسطيته عن كل ذلك…
قال في حقه الراحل الملك الحسن الثاني :إنه مفكر العصر الذي كان يبحث عنه وقال :إن الراحل محمد سالم ولد عدود هو فقيه العصر. .أهل الخيام لايقدرون العباقرة؟!!
هل جزاء هذا العالم المربي ان يقال وان يشهر بأسرته وتتهم بأنها انما تسعى وراء المال؟!
الخبر الاكيد ان الشيخ بصحة جيدة ولله الحمد ومازال كما عهدته يعلق ويجيب على التساؤلات بمنهجه الوسطي المالكي
وهو هو أول عالم موريتاني نظم المعاملات للمؤسسات التجاريه على الطريقه الإسلاميه (المرابحه) من خلال فقه المذاهب الأربعة وكان مستشارا اسلاميا في باميس وعدة مؤسسات اسلامية…
عرفت العلامة عن قرب كان يستقبلني في كل وقت وتطورت العلاقة الى حد شراكة في تأليف كتاب بعنوان: طريق الحق:مدخل علمي الى الايمان سأنشره بحول الله في حلقات عبر موقع:
www.avaghfikria.info
حاولنا من خلاله أن نجد نقاط التقاء بين التعليم المحظري والتعليم النظامي محاولين الالمام بواقعنا كمجتمع فريد من نوعه قد لا يفهم الآخر كثيرا من قضايانا الداخلية التي لا تخضع للدراسة..
وقد قسمناه إلى محاور:
الرافد البيئي…والرافد اللغوي…والرافد الديني..
بأدلة وبراهين علمية ولغوية وفلسفية ودينية..
كتب الصحفي البارز الحسين ولد محنض عن الشيخ:
العلامة والفقيه حمدا ولد التاه المتبحر في المعقول والمنقول.
هو العلامة الفقيه الأصولي المحدث، المتبحر في المعقول والمنقول، مفتي العصر، وهو أيضا القطب والولي الصالح تاج العارفين ومنار المهتدين ذو الفتوحات الربانية والخواطر العرفانية، والأنوار الظاهرة والكرامات الباهرة، وذو الأخلاق الرائقة والمكارم الفائقة، ذلكم هو شيخنا المربي العابد الزاهد المنفق القدوة الشيخ حمدا بن التاه بركة الوقت مد الله تعالى في عمره، فهو من الأوتاد الذين بهم ثبت الله تعالى هذه الأرض في هذا العصر، ولا ينبئك به مثل خبير..
كان من نعم الله تعالى علي أنه كان شيخي الذي ترددت عليه سنوات عديدة منذ أواسط التسعينات وحتى مغادرته انواكشوط في السبخة ثم في سوكوجيم ثم في تفرغ زينه، ودرست عليه صحيح البخاري وأجازني فيه عن محدث المغرب الإمام الكتاني كما درست عليه غيره، فقد كان حفظه الله بحرا لا تكدره الدلاء، ينثر الحكم بديهة ولا يرد سائلا سواء كانت مسألته حكما أو مالا أو جاها، مع الرفق واللين والتحمل والصبر على الناس وإكرامهم.. وأحمد الله تعالى على أني نشأت على معرفة هذا الولي الصالح وتبجيله فقد كان صديق أبي الشيخ بن محنض ووزيره عندما عين الشيخ حمدا وزيرا مؤسسا لوزارة الشؤون الإسلامية، وعين الشيخ بن محنض أمينها العام، فكانت تسمى حينها وزارتهما بـ”وزارة أولاد ديمان”، كما كان صديق والدتي الولية الصالحة عائشة بنت المختار بن حامدن وخاصتها، وصديق خالي محمدن بن المختار بن حامدن الذي كان يحدثنا رحمه الله تعالى وسمعته غير ما مرة أيضا من والدتي عائشة أنه إبان فترته سفيرا بالملكة العربية السعودية وكان صديقا لملوكها وأمرائها، وموضع تقدير كبير من طرفهم، وكانت لهم علاقة متميزة مع موريتانيا ورئيسها آنذاك المختار بن داداه، حدث أن أخبر أن كلمة الوفود الإسلامية في تلك السنة ستكون من نصيب الوفد الموريتاني الذي يرأسه الوزير الشيخ حمدا بن التاه.
قال محمدن: فشعرت أن هذا امتحان كبير لبلدي الذي ينظر إليه على أنه بلد العلم والعلماء وبلد الفصاحة والشعراء، فعزمت على الذهاب إلى الوزير حمدا لإخباره والعمل معه على تحضير كلمة تليق بمكانة موريتانيا في نفوس العالم الإسلامي آنذاك، لكن الشيخ حمدا لم يشأ ذلك مكتفيا بطمأنة السفير محمدن الذي ازداد همه، كيف للشيخ حمدا أن يلقي كلمة مرتجلة أمام وفود العالم الإسلامي المليئة بالوزراء والعلماء وبمحضر من جلالة الملك وكبار الأمراء؟ على كل حال اتكل محمدن على الله وترك الشيخ حمدا وما يحلو له، وكم كانت مفاجأته يوم الاجتماع عندما شرع الشيخ الوزير في ارتجال كلمة لم تمر دقائق حتى أصبح جميع من في القاعة محلقين أعينهم في الشيخ حمدا، منصتين صامتين كأن على رؤوسهم الطير وهو ينثر الدرر ويجيء بالعجب في مزج وتصوير غير مسبوق بين أحداث البعثة والهجرة والحج والواقع المعاصر، فكانت كلمة الشيخ حمدا في ذلك اليوم فتحا ديبلوماسيا عظيما لموريتانيا ترك أثرا كبيرا في نفس الملك والأمراء وسائر الوفود وكرس ترسيخ مكانتها العربية والإسلامية..
بعد ذلك -وقبله طبعا- لم يزل الشيخ حمدا يعلم ويفتي ويخطب ويحاضر بالخطاب الرائق والحكمة البالغة، ناشرا في هذه الربوع وأينما حل سماحة الإسلام ووسطية الدين وفقه الواقع، يرفع الحرج عن الأمة ويزكيها ويعلمها مكارم الأخلاق، كل ذلك مع تواضع العلماء وإخبات الأولياء، فكان بحق مدرسة الإسلام والإيمان والإحسان معا..
أوذي فصبر ونُصر فشكر، وقدم عمره كله لدينه وأمته وبلده، واليوم وهو القبس الذي نعشو إليه والنور الذي نقتبس منه، والبركة التي نتلمس، لن يضره ألا يعرف له أحد قدره فقدره محفوظ له في قلب كل موريتاني صادق.. متعنا الله تعالى به آمادا مديدة..).
وكتب قبله المبدع إكس ولد اكس اكرك:
تقاعد الشيخ حمدا ولد اتاه،
حين اطلع الرئيس اليمني الراحل على عبد الله صالح على كتاب إحالة الشاعر و الروائي اليمني الكبير رئيس جامعة صنعاء عبد العزيز المقالح ، إلي المعاش، كتب موقعا على الكتاب بعبارته السائرة: “الإبداع لا يتقاعد”.
يقو ل العلامة الشيخ محمد سالم ولد عدود رحمه الله عن التقاعد من الوظيفة:
“الانسان الذي يولد بالوظيفة يموت بالتقاعد ، والانسان الذي يدفن في الوظيفة ينشر بالتقاعد”.
يروى أن أحدهم قال للشيخ أحمدو باب ولد صلاحي “من باب طوارئ نواكشوط يومها إن ” العلامة المؤرخ المختار ولد حامدن “التاه” ، والإداري الدبلوماسي محمد فال ولد البناني ” امّفال” ، والترجمان والإداري محمد صالح بن الشيخ أحمد بن الفالي “النن” ، رتَرْتُو رد عليه :
“الناس لكبار ما ايرترتو”.
أمثال العلامة حمدن -حفظه الله- لايُقالون ولا يتقاعدون لأن علمهم هو عملهم ، وعلمهم معهم.. كما قال الإمام الشافعي
عِلمي مَعي حَيثُما يَمَّمتُ يَنفَعُني :: قَلبي وِعاءٌ لَهُ لا بَطنُ صُندوقِ
إِن كُنتُ في البَيتِ كانَ العِلمُ فيهِ مَعي :: أَو كُنتُ في السوقِ كانَ العِلمُ في السوقِ
أما تقلد وظيفة ما والإعفاء منها فهو كما يقول الأديب اعلِ ولد الميداح “الرجاله” لصديقة محمد عبد الله ولد ديدي:
تِنْگازك تِنكازْ الخَتْرَه :: تِنْگازْ امنْ الوظيفَه توْفْ
ماهُ تِنْگازْ امنْ السّترَه :: ؤلاهُ تِنْگازْ امنْ المعروفْ
مثّل العلامة حمدن ولد التاه مدرسة أهل إيگيدي بعراقتها وأصالتها وأدبياتها
واختلافها.
حين سأل الدكتور جمال ولد الحسن الإمام الأكبر بداه ولد البصيري رحم الله الجميع ، عن حكم الهول واصرند والدخان؟
قال له الإمام الأكبر مداعبا أحيلك للمذهب الخامس!
وحين سأله جمال مستفسرا عن المذهب الخامس؟
أجابه بداه: مذهب أهل إيگيدي!
وحين سئل العلامة حمدن ولد التاه عن حكم الهول أحال الفتوى لگاف الفنان الكبير محمد يحيَ ولد الببان:
صَرّاگ امطگِي ماهِ گولْ :: سَمْعْ الهولْ ؤجَ مدّرْبِ
وهَيّجْ فيه الصّرگه والهولْ :: يُهَيَجُ مافي القلب
فالهول يحل ويحرم حسب ما يهيجه في القلب …
ويحكى أنه أيام كان العلامة حمدن ولد التاه مديرا للتوجيه الإسلامي اجتمع ذات يوم بالعلماء والأئمة لنقاش بعض الأمور، وكان من بين الحضور الإمام الأكبر بداه ولد البوصيري- رحمه الله- لم يرق للإمام بداه طول الاجتماع فنهض من جلسته وهم بالانصراف قبل أن يختتم الاجتماع من طرف الجهات الرسمية؛ لكن حمدا أراد أن ينبهه على ضرورة انتظار اختتام الاجتماع بظرافته المعهودة فتبسم ثم تلا قوله تعالى : ” وإذا كانوا معَهُ على أمرٍ جامِعٍ لم يَذهَبوا حتى يستَـأْذِنُوهُ.” فما كان من بداه إلا أن رجع وجلس وقاال بصوته الجهوري التي تطبعه الصراحة والطرافة: یلالي مثقلك انت يولد التاه ومديمنك ومطيب سوراتك، ايو گول ذا الِّ لاَه اتگول.
يستحق حمدا على جيلنا الكثير والكثير
من خلاله عرفنا العلوم الشرعية أدركنا أسرار مقاصدها ومدارك أقوالها وكيفية بناء الفروع على الأصول واندراج الجزئيات تحت الكليات والفرق بين القواعد والضوابط وأنواع مسالك العلل ومتى تلحق بها القوادح وغير هذا من ما يزري بطالب العلم الشرعي جهله حسب تعبير الأستاذ الأجل محمد معروف المرابط.
ومما كتبه الفتى الألمعي Ezzedine Ahmed Youra بعنوان: “في مجلس الشيخ حمدن”
“… و أتيته يومًا لأشرع في قراءة نظم قواعد الزقاق المعروف ب”المنهج” فأحسست منه تحمسًا لتدريس هذا الفن الراقي من العلوم الإسلامية، و قال لي : إن عدم اهتمام أوساطنا المحظرية بما فيه الكفاية بعلم القواعد خلق قطيعة بين طائفتين من آهل العلم تطرفت كل واحدة منهما في جهة.
فطائفة اهتمت بالأصول الكلية حتى ادعت الاجتهاد، و طائفة تعلقت بالفروع فجمدت على النصوص، و في رأيي أن علم القواعد هو الحلقة المفقودة لسد الفراغ بين الأصول الكلية والفروع.
و لعل هذا ما أشار له الشيخ في مستهل نظمه البديع في أحكام مستجدات العصر:
فبعضهمْ مال للانعزالِ :: تورُعًا مِنْ هذه الأحوالِ
و بعضُهمْ مال للاجتهادِ :: مع انقطاعهِ بكُلِّ وادِ
فضاعتِ الأحكامُ بينَ ذينِ :: و ظهرَ الجهلُ على وجْهينِ
و عندما تقدم بنا الدرس في منهج الزقاق و وصلنا للقاعدة الخلافية: هل تتعلق الذمة بالعين ؟
بين لي أن من تطبيقات القاعدة : شخصٌ يُتعامل معهُ اتكالا على حانوت له أو حرث ثم شاءت الأقدار ضياع تجارته أو حرثه هل يتعلق ما يُطالب به من الدين بذمته فيتبعه به صاحب الدين، أم أن الدين يبطل لتعلقه بتلك العين الضائعة.
ثم قال لي لقد كان في الخلاف المندرج تحت هذه القاعدة مخرجٌ لبعض الموريتانيين العائدين من السنغال سنة 1989 و الذين ضاعت تجارتهم و هُمْ يُطالبون بديون في تلك البلاد. و بعدها كنت أتساءل : هل يمكن أن يكون في هذه القاعدة الخلافية تنظير لما يعرف اليوم بالشركات ذات المسؤولية المحدودة ؟
و حدثني أنه زار محظرة الشيخ العلامة الورع: أحمدو بن محمذن فالْ الحسني في إطار بعثة من وزارة التوجيه الإسلامي فسأل تلامذتها – و قد تحلقوا شيخهم– ما هو الوزن الصرفي لكلمة ”ملائكة” فانتصب في الحال للجواب منهم تلميذ لامع وقال مُصيبًا : وزنها : مَعافلة، لأنها من فعل ألِكَ على وزن فعِل، وقد تقدمت العين في بناء الكلمة على الفاء.
و ألكني إليه في اللغة معناه : كن لي رسولا، قال عمر ابن أبي ربيعة في رائيته المشهورة :
ألِكْني إليها بالسلامِ فإنهُ :: يُشهِّرُ إلمامي بها و ينكِّرُ
و قال لي إن تحديد قدر معين في الأذكار قد يكون لسر في ذلك العدد، و لكن المقصود من كثرة العدد أيا كان هو أن يصادف الذاكر لحظة حضور بالفكر و لو مرة لينال إحدى أفضل مراتب الذكر التي أشار لها محمد مولود في المطهرة :
و عملٌ على رياءٍ أفضلُ :: مِنْ تركهِ لخوفهِ و فضَّلوا
ذكر اللسانِ غافلَ الجَنانِ :: على غُفولِ القلبِ و اللسان …
و في مجلس ضم رجلا من شرفاء قبيلة الإقلال قال لي : أتعرف إن قبائل موريتانيا يحتضنون من معهم من أهل البيت إلا الأقلال فقد احتضنهم شرفاءهم في إشارة لقصة سيدي بوبكر الشريف الشهيرة مع أبناء محمد قلي.
و مرة أتي بنا الحديث على علم الحساب فقال لي من بين طُرف فيه كثيرة إنه زار دولة الجزائر في وفد وكان من بين محطات الزيارة رؤية بناية شاقهة يفتخر بها الجزائريون آنذاك، فقال لهم : يمكنني معرفة طولها ببساطة، فقالوا : و كيف، فقال : آخذ خشبة بطول متر و أوقفها عموديًا على الأرض و أحسب النسبة بين طولها و طول ظلها، ثم اضرب تلك النسبة في طول ظل البناية فأحصل على طول البناية نفسها، لأن النسبة بين الأشياء و ظلالها في وقت محدد من النهار ثابتة لا تتغير.