السهرة الرمضانية مواقف للشيخين لاتخلو من طرافة!! الحلقة(2).”الزنكلونيات”/المرابط ولد محمد لخديم

نواصل معكم بحول الله مواقف مشوقة وهادفة للشيخين الراحلين العلامة محمد سالم ولد عدود والعلامة الشيخ حمدا ولد التاه أثناء مشاركتها في السهرة الرمضانية في تسعينيات القرن الماضي وقد قدمنا حلقة أولى بعنوان: مواقف الشيخين في السهرة الرمضانية لاتخلوا من طرافة!! وكان موضوعها؛ “الجراديات”
ملخص الحلقة؛
     تستعرض المساجلات الشعرية الطريفة بين الشيخين العلامة عدود والشيخ حمدا خلال السهرة الرمضانية، حيث وظفا الأدب والشعر بأسلوب بسيط وعميق لمناقشة قضايا الحياة اليومية، حتى في مواجهة اجتياح الجراد لموريتانيا في تسعينيات القرن الماضي…
      يبرز النص كيف جمع العالمان بين الفقه والأدب بروح فكاهية راقية يفهمها الجميع، مما جعل حديثهما ممتعًا ومفيدًا لغويًا وأدبيًا.
       وافتقار البرامج الحديثة لهذه العفوية الذكية التي تجمع بين التسلية والتعليم، على عكس ما كانت عليه السهرات الرمضانية في ذلك الزمن. للمتابعة الرابط:
https://avaghfikria.info/archives/3146
      كانت مساجلات الشيخين عدود وحمدا مثالًا حيًا على المزج بين العلم والأدب بروح مرحة، فهما لم يكتفيا بالحديث عن الفقه واللغة، بل جعلا الشعر وسيلة للتسلية الهادفة، كما يظهر في الحلقة السابقة”جراديات”

       أما حلقة المساجلات الثانية من سلسلة السهرات الرمضانية بين الشيخين فتحمل عنوان “الزنكلونيات”، وهو عنوان مستوحى من مسلسل تلفزيوني كوميدي مصري شهير في تلك الفترة، مما أضاف بعدًا فكاهيًا قريبًا من الجمهور.

     في هذه الحلقة، يبدأ الشيخ حمدا كعادته بقصيدة طريفة يتحدث فيها عن تنوع الناس وأحوالهم، حيث يقول:

الخلق بين شؤون= كثيرة وفنــــــــون

البعضُ منهم بسيط = وبعضهم” زنكلوني”

ويرد عليه الشيخ عدود بقصيدة أخرى يعبر فيها عن تمسكه بصداقته، ويقول:

بالشيخ حمدا صلوني= وعنه لا تفصلوني

وفي سجل الليالي = إزاءه سجلوني

إني على العهد منه= وإن همُ عذلـــــــوني

على ثبات فمالي= تلوُّنُ “الزنكلـــــــــوني”

     ثم يرد الشيخ حمدا بقصيدة أخرى يتحدث فيها عن تقلبات الدهر وأحوال الحياة، ويشير إلى أنهم قضوا وقتًا في الغفلة والمجون، ولكنهم سعدوا أيضًا بصوم شهر رمضان المبارك، ويذكر أن الشيخ عدود يحكي نوادرًا طريفة، فيقول:

الدهر كالمجنون= يجري بنا في سكون

لإن قضينا زمانا = في غفلة ومجـــــون

فقد سعدنا زمانا= بصوم شهر مصون

والشيخ عدود يحكي = نوادرا من فنـــون

وتارة نتســــــــــلى = في عالم “الزنكلوني”

     المساجلات الشعرية بين الشيخين تعكس روح الفكاهة والذكاء التي كانت تتميز بها السهرات الرمضانية في ذلك الوقت، حيث كان الشيخان يجمعان بين الفقه والأدب والشعر بأسلوب بسيط وعميق، مما جعل حديثهما ممتعًا ومفيدًا للجمهور.

      الهدف من هذه السلسلة هو استعادة ذكريات السهرات الرمضانية الموريتانية التي كانت تجمع بين العلم والأدب والفكاهة الراقية، وهي شيء نفتقده في برامج اليوم.

هذه المساجلات تعتبر جواهر أدبية وفكرية تستحق التوثيق والحفظ، خاصة أن الكثير منها قد لا يكون محفوظًا بشكل كافٍ.

      علاقتي بالشيخ حمدا ولد التاه التي مكنتني من كتابة هذه السلسلة كانت علاقة مميزة، وقد تشرفت بالعمل معه في تأليف كتاب “تائه يبحث؟! مدخل علمي إلى الإيمان”،
(تحت الطبع). الذي كان ثمرة تعاوننا الفكري والأدبي. هذه التجربة أثرت فيّ كثيرًا، وأعتز بها كجزء من مسيرتي الثقافية والفكرية. الكتاب (تحت الطبع).

     في رمضان من كل سنة كان المشاهد الموريتاني في الداخل والخارج ينتظر بفارغ الصبر بث حلقة السهرة (الرمضانية)…!!

      ولأن العلامة حمدا خبير في (ثقافة) لخيام وأحوالهم فكان في كل مرة في رمضان يستهل السهرة بعناوين شيقة مثل: الزنكلوني…..جراديات….الثقلاء…نظم مؤتمر الابالسة….!!
وكانت لحظات منتظرة في الساحة الإعلامية بشغف!!، حيث استطاع الشيخ حمدا بقدراته المعرفية واهتمامه العميق بثقافة لخيام وأحوالهم أن يثير العديد من المواضيع المثيرة.
       العناوين التي اختارها الشيخ حمدا، مثل “الزنكلوني” و”الجراديات” و”الثقلاء”، تحمل في طياتها نقدًا اجتماعيًا وثقافيًا غير مباشر، وهو ما يجعل هذه الحلقات تستحق التوثيق والدراسة.
      لهذا بدأت الاهتمام بهذه السلسلة ونشرها لتعميم الفائدة.
     النص يوثق جزءًا مهمًا من الذاكرة الثقافية الموريتانية، حيث يجمع بين التراث العلمي والأدبي والفكاهي بأسلوب راقٍ، من خلال مساجلات العالمين محمد سالم ولد عدود وحمدا ولد التاه في السهرات الرمضانية.
       من الواضح أن هذه السهرات كانت أكثر من مجرد برامج تلفزيونية، بل كانت فضاءً فكريًا يمزج بين الفقه والأدب بروح الدعابة الراقية التي تفتقدها برامج اليوم.
     وربما يعود ذلك إلى الطبيعة التلقائية للحوار، حيث
كان الشيخان قادرين على توظيف الشعر والطرفة لنقل معانٍ عميقة بطريقة سهلة وممتعة للجمهور. مما يعزز أهمية التوثيق والنشر.
     رحم الله الشيخين الجليلين، وأسأل الله أن يجزيهما خير الجزاء على ما قدّما من علم وأدب وفكر.

شاهد أيضاً

تقديم: سلسلة “مع القرآن لفهم الحياة”/المرابط ولد محمد لخديم

هي رؤية تأملية وفكرية تسعى إلى الربط بين الوجود الإنساني والقرآن الكريم، وإبراز دوره في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *