آفاق فكرية بحث، معرفة، تبادل ثقافي
كتب الأستاذ الدكتور اسلكوا احمد ازيدبيه رئيس مجلس جائزة شنقيط بموريتانيا حول الواقع العالمي الحالي مقالا بعنوان:”الفوضى الخلاقة”!!
مقال اسلكو ازيدبيه يناقش تأثير السياسات الأحادية على الاقتصاد العالمي، محذرًا من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى كساد اقتصادي عالمي وتزيد من الصعوبات التي تواجه الطبقات الوسطى في الدول الصناعية، مما يفتح المجال لصعود اليمين المتطرف. كما يُتوقع أن تتضرر التكتلات الاقتصادية الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي والميركوسور، بينما قد تستفيد روسيا من هذا التحول الدولي المفاجئ.
العالم العربي وأفريقيا سيكونان الأكثر تأثرًا من خلال الرسوم الجمركية وتراجع المساعدات.
٨الكاتب يدعو إلى تبني سياسات داخلية صمودية، مثل الاستثمار في التعليم وتعبئة الموارد، مشيرًا إلى تجربة سنغافورة. وفي النهاية، يبرز أن المتضرر الأكبر قد يكون الطرف الذي بدأ الحرب التجارية، وهو نفسه المستفيد الأكبر من النظام الاقتصادي العالمي.منذ اتفاقيات بريتون وودز. كما يقول الكاتب. الأستاذ الدكتور اسلكو ازيدبيه).
المرابط ولد محمد لخديم
نص المقال:
منطق الفوضى الخلاقة.
من غير المستبعد أن يتسبب ال-“وان مان شو” الممل الذي تفرج عليه، مكرها، العالم بأسره هذا الأسبوع في زيادة كبيرة ومصطنعة في أسعار السلع والخدمات، الشيء الذي من شأنه أن يحدث -على أقل تقدير- كسادا اقتصاديا عالميا، بشكل ميكانيكي ؛ ستتضرر طبقات وسطى عريضة في الدول الصناعية الرئيسة إلى حد قد يهدد استقرار ها السياسي والاجتماعي، فيساهم في وصول اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في أكثر من عاصمة غربية. وكما حدث بالنسبة لاتفاق التجارة الحرة في شمال آمريكا، قد يتأثر سلبا الاتحاد الأوروبي والميركوسور، وغيرهما من التكتلات الاقتصادية الإقليمية الوازنة، من السياق السياسي الدولي الحالي، كنتيجة حتمية لمنطق الفوضى الخلاقة في مجال التجارة الدولية.
ولعل روسيا الاتحادية التي تخوض حربا هجينة منذ سنوات، ضمن المستفيدين القلائل من التحول الجذري والمفاجئ لمعطيات الساحة الدولية، إذ هيأتها ظروفها الخاصة لأن تقتنص فرصة دبلوماسية وسياسية (وربما اقتصادية…) غير متوقعة.
سيتضرر العالم العربي وإفريقيا من الرسوم الجمركية المجحفة ومن تباطؤ النشاط التجاري العالمي ومن التوقف المفاجئ للمساعدات التنموية، وستنجح الدول التي تبادر بانتهاج سياسات مالية واقتصادية صمودية، عبر تعبئة وترشيد مواردها الذاتية وتوجيهها بالشكل الذي مكن دولا مثل سنغافوره من النهوض، في وقت قياسي وعلى أكثر من صعيد، رغم شح مواردها الطبيعية ؛ ويجمع الكثيرون على أن السر وراء هذه “المعجزة” هو الاستثمار في التعليم عموما، وفي التعليم العلمي والتقني بشكل خاص كأهم رافعة للتنمية المستدامة.
وفي المحصلة، قد يصبح المتضرر الأول من هذه الحرب التجارية الضروس أول من أشعل فتيلها، أي أكبر رابح على مر ثمانية عقود من اتفاقيات “برتون وودز” المثيرة للجدل جنوبا…
أ.د. اسلكوا احمد ازيدبيه رئيس مجلس جائزة شنقيط.
