وبما أن الموريتاني يسأل عن كل شيء ولا يقتنع بشيء؟!
فان ارتباطه بوسائل الأعلام والمعلومات السريعة هذه، حولته إلى متلق يستمع ويشاهد مسترخيا على أريكته، يتجرع ويحتسى كؤوس الشاي المنعنع مع ما يقدم له من دون كبير تدخل أو اختيار…
آثر ذلك على معاناة القراءة الجادة وما تتطلبه من تركيز ووعي، فتسطحت الثقافة ونتج عن ذلك داء الأمية الثقافية التي أضرت بحركة النقد، وحدت من تداول الأفكار وأدت إلى ركودها، فضمر الإبداع وتحجرت العقول، وغاصت الثقافة في المياه الآسنة..
إن الخطأ الذي يقع فيه الباحثون عندما ما يدرسون المجتمع الموريتاني (مجتمع البيظان) هو عدم وعيهم بالمجال الثقافي الموريتاني حينما يغلبون فيه الروافد العربية والإسلامية الوافدة من الشمال على العادات والتقاليد للسكان الأصليين.
ولقد أصبح مؤكدا أننا إذا لم نأخذ في الاعتبار تاريخ التراكمات القيمية، وروافد التيارات الثقافية التي تؤسس الظواهر المدروسة فإننا سنسقط لا محالة ضحية لخداع العقل الجمعي، وستبقى على فهم سهل ولكنه متناقض وتبريري إلى حد بعيد.
هب أن أحدنا أو غيرنا وقع اليوم على الاجتهاد المشهور لأحد فقهاءنا القدامى حيث أباح في إحدى نوازله للرجل الصحيح أن يتيمم لصلاته إذا كان الماء لا يوجد إلا عند أصهاره, اذ أن أخذ الماء من عند الأصهار للغسل أو للوضوء قد يكون منافيا لتقاليد السحوة, معللا ذالك بأن المشقة الحاصلة من فعل هذا الأمر المشين اجتماعيا هي مساوية لمشقة المرض التي تبيح التيمم ؟!!
ناهيك عن عشرات مجلدات كتب الكرامات والخوارق. وفتاوى الزوايا حول مال حسان ” أصحاب السلطة” آنذاك الذين يسمونهم مستغرقى الذمم، وبعد حسان مال النصارى والذي يسمونه” مال هوش ” ولعل هذا ما أوجد تأسيسا دينيا طريقا بجواز الأخذ من المال العام…
وقد لانستغرب أن أرضية مثل هذه أنتجت بعض الأحكام الخطيرة المبنية على اجتهادات تقبل أو ترفض في سياقات تاريخية معينة؟!!
ونحن نرى أن هذه الأحكام والفتاوى الشرعية مازالت على حالها خاصة في ظل غياب البحث وآلياته.. وندرة التأليف والنشر وفقه الواقع,,,,
إن هذه الفتاوى ….يتواصل…
شاهد أيضاً
دين الفطرة في منهج الفطرة؛ ماذا قيل فيه؟!(الجزء الأخير) المرابط ولد محمد لخديم
يقول الأستاذ الدكتور: محمد سيديا ولد خباز المدير العام للمدرسة العليا للتعليم رئيس جامعة أنواكشوط …