يقول المثل العربي: (اليك عني واسمعي ياجارة!!)
المتأمل في وسائل الاعلام الغربية المكتوبة والمرئية والمسموعة يلاحظ أنه لاهم لها في هذه الأيام
الا أخبار الحرب الروسية الاكرانية!!
أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الأوروبيين وحلفاءهم مستعدون لفرض عقوبات إضافية على روسيا، وذلك إثر اجتماع عبر الفيديو ضم قادة فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبولندا ورومانيا، إضافة إلى ممثلين للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
واشنطن تخلق تصورا بأن روسيا تشكل تهديدا لأمن أوروبا.
بمحاولتها لاظهار الرءيس الروسي بوتين على أنه معتد متعطش للدماء مزاجي الطباع لا يمكن الوثوق به…
وتحقيقا لهذه الغاية، طلبت من وسائل الإعلام أن تكرر مرارا وتكرارا: ” روسيا تخطط لغزو أوكرانيا”…بل لاسوء من ذالك:
بوتين السيئ” الذي جمع حوالي 100000 جندي على طول الحدود الأوكرانية، مهددا بإغراق أوروبا بأكملها في حرب دموية أخرى…)
ومع ذلك، فإن الهدف الحقيقي ليس روسيا، بل ألمانيا كما يقول مايكل هدسون مضيفا أن “السبيل الوحيد المتبقي للدبلوماسيين الأمريكيين لمنع المشتريات الأوروبية هو تحريض روسيا على الرد العسكري ثم الادعاء بأن الانتقام من هذا الرد يفوق كل الاهتمام.”
ويشاطره الرأي الباحث مايك ويتني حيث يقول ( الأزمة الحالية لا تتعلق بأوكرانيا.بل العلاقة بين ألمانيا وروسيا، لأنهما متحدون هناك، القوة الوحيدة التي يمكن أن تهددنا.” ولنتأكد من عدم حدوث ذلك.
يقول جورج فريدمان، الرئيس التنفيذي لشركة ستراتفور في مجلس شيكاغو للشؤون الخارجية.
الأزمة الأوكرانية لا علاقة لها بأوكرانيا. هذه هي ألمانيا،) وعلى وجه الخصوص، خط أنابيب يربط ألمانيا بروسيا يسمى نورد ستريم 2.)
ان امريكا تعتبر خط الأنابيب هذا تهديدا لسيادتها في أوروبا وحاولت تخريب المشروع في كل منعطف. ومع ذلك، تقدمت نورد ستريم وهي الآن تعمل بكامل طاقتها وجاهزة للاستخدام. بمجرد أن يقدم المنظمون الألمان الشهادة النهائية، ستبدأ عمليات تسليم الغاز.)
في عالم تكون فيه ألمانيا وروسيا صديقتين وشريكتين تجاريتين، ليست هناك حاجة إلى قواعد عسكرية أمريكية، ولا حاجة إلى أسلحة وأنظمة صواريخ باهظة الثمن مصنعة في الولايات المتحدة، ولا حاجة لحلف شمال الأطلسي.
كما أنه ليس من الضروري تداول معاملات الطاقة بالدولار الأمريكي أو تخزين أذون الخزانة الأمريكية لموازنة الحسابات.
يمكن إجراء المعاملات بين الشركاء التجاريين بعملتهم الخاصة، مما سيؤدي حتما إلى انخفاض حاد في قيمة الدولار وتغيير جذري في القوة الاقتصادية.
لهذا السبب تعارض إدارة بايدن (نورد ستريم). إنه ليس مجرد خط أنابيب، بل هو نافذة على المستقبل؛ مستقبل تقترب فيه أوروبا وآسيا من بعضهما البعض في منطقة تجارة حرة ضخمة تزيد من قوتهما المتبادلة وازدهارهما بينما تترك الولايات المتحدة في الخارج.
تشير العلاقات الأكثر دفئا بين ألمانيا وروسيا إلى نهاية النظام العالمي “الأحادي القطب”، الذي أشرفت عليه الولايات المتحدة على مدى السنوات ال 75 الماضية.
يهدد التحالف الألماني الروسي بتسريع تراجع القوة العظمى التي تقترب حاليا من الهاوية.
هذا هو السبب في أن واشنطن مصممة على بذل كل جهد ممكن لتخريب نورد ستريم وإبقاء ألمانيا في مدارها. إنها مسألة بقاء.
أوكرانيا هي “السلاح المفضل” لواشنطن لنسف نورد ستريم ووضع زاوية بين ألمانيا وروسيا.).
إذا يتبين لنا مما سبق أن الغرب مصالح ولاشيء غير المصالح , وكل حوار معه أو تفكير ضده لا ينطلق من هذه الحقيقة, إنما هو انزلاق وسقوط في شباك الخطاب المغالطى التمويهي السائد في الغرب والهادف إلى صرف الأنظار عن (المصالح) وتوجيهها إلى الانشغال بما يخفيها ويقوم مقامها في تعبئة الرأي العام مثل: الحريات,والثقافة, والديمقراطية…
إن تاريخ الغرب_ منذ أن أصبح هذا المفهوم مفهوما سياسيا استراتجيا يكشف عن حقيقة أساس قوامها: مواقف متغيرة وثابت لا يتغير: إن موقف الغرب من العرب أو من الإسلام أو من الصين أومن أية دولة أخرى في العالم, موقف يتغير دائما, وقد يقفز من النقيض إلى النقيض إذا اقتضى الأمر ذاك,أما الثابت الذي يحكم تحركات الغرب وتغير مواقفه فهو(المصالح) ,ولاشيء غير المصالح فعندما تمس مصالح الغرب أو يكون هناك ما يهددها, تتغير المواقف في الحين.!!.
امريكا غزت و أطاحت بأنظمة في أكثر من 50 دولة
في العراق، وأفغانستان، وفلسطين، والصومال،. وسوريا.. وليبيا. الخ
وتحتفظ بأكثر من 800 قاعدة عسكرية في بلدان حول العالم.ومع هذا لا تراه تعد على الآخر؟!
روسيا التي تحافظ على أمنها القومي تعتبر في نظر الغرب معادية!! لكنها فضحته أمام العالم الذي أصبح قرية صغيرة فمعاملة الغرب مع النازحيين غير الاوروبيين أثبتت زيف ديموقراطيتهم وعالمهم الحر على حد قول الشاعر:
ثوب الرياء يشف عماتحته
فاذا التحفت به فانك عاري
العقوبات الغير مسبوقة التي فرضها الغرب على روسيا انما يفرضها بطريقة غير مباشرة على نفسه واذا كانت أمريكا وابريطانيا وفرنسا متحمسون لهذه العقوبات فذالك لأنهم اخف ضررا من نظراءهم: المانيا وبلغاريا والمجر مثلا…
أما امريكا فهي بعيدة عن العقوبات ولايمكن الاعتماد عليها بل ربما تكون لها مصلحة في الحرب كما تقدم آنفا…
ولكن الغرب قد يواجه مشكلة أخرى وهي المرتزقة التي دربها ودمر بها دولا مثل سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان وهاهو اليوم يستخدمها أكرانياتحت مسمى المتطوعين المدافعين عن الحرية!!
وبما ان الاحداث يفسر بعضها بعضا فقد تقدم في مقال سابق بعنوان: الدب الروسي وترويض الدول!!
https://rimnow.net/w/?q=node/14451
قلنا أن انهيار الاتحاد السوفياتي ومعه المعسكر الشيوعي..نتج عنه أن المعسكر الرأسمالي بقي كما هو بكل عدته العسكرية والاقتصادية والإستراتيجية والعلمية والفكرية، وأيضا بقي بلاعدو…!!
بمعنى أن أمريكا أصبحت تبحث عن عدو يحفظ لها توازنها وتأتي أحداث 11 من سبتمبر والأحداث اللاحقة لتجد فيها أمريكا ضالتها المنشودة كذريعة لمحاربة لإسلام وإن اختلفت التسميات التي تتخفي وراءها: إرهاب، تشدد، اعتدال…القاعدة…داعش…
هذه المرتزقة: الدواعش تقاتل الان بالآلاف في اكرانيا ولكنها مشروعة في نظر أمريكا والغرب في ازدواجية للمعايير مفضوحة!!
لكن أمريكا نست او تناست أن صنعيتها ستكتوي بها يوما ما هي وحليفتها أوروبا عندما تضع الحرب أوزارها…
فهل أصبح العالم اليوم في حاجة الى تعدد الاقطاب بدل القطب الاوحد؟!
لم تعد الساحة العالمية كما كانت تتصور أمريكا فقد ظهرت مؤشرات لقوى جديدة أصبحت تغض من مضاجع الأمريكان وهي القوة الصينية القادمة التي ستتخذ مكانتها بلا منازع في القرن الواحد والعشرين والدب الروسي الذي يحاول استرجاع مكانته الاقليمية والدولية كاسرا بذالك حاجز القطب الأوحد الذي ظل محتكرا لهذه المكانة طيلة العقود الماضية…
فهل بات العالم على وشك سباق تسلح غير مسبوق؟ وأن هذا السباق سيصبح مدمرا خاصة مايشاع الآن من احتمال حرب عالمية ثالثة ستحرق الاخضر واليابس…وقد تعزز هذا الاحتمال في ظل غياب دور أساسي لهيمنة قوة معينة؟ وزيادة الكم الهائل من البشر وانهيار الاقتصاد العالمي.
الأكيد أن الدب الروسي عرى الغرب للعالم وحشره في الزاوية.
شاهد أيضاً
د. محمد ولد أحظانا يؤرخ للموسيقى من خلال مصطلحها؛/المرابط ولد محمد لخديم
تُعدّ محاضرة الدكتور محمد ولد أحظانا رئيس نادي الفائزين بجائزة شنقيط حول الموسيقى الحسانية، التي …