روسيا وأوكرانيا والنيتو

تشكل نظام جديد: بين تقهقر أمريكا وفرصة العرب!!/ المرابط ولد محمد لخديم.

    عندما أكتسح (الغرب) أقطار الشرق خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر, في إطار توسعاته الاستعمارية, كان الادعاء الذي روج له الكتاب الغربيون في ذالك الوقت لتبرير ظاهرة الاستعمار, هو أن الأمر يتعلق بنشر الحضارة….!
كان العالم منقسما في نظر أولائك الكتاب- بمن فيهم بعض فلاسفة الأنوار- إلى قسمين: عالم متحضر وعالم متوحش. وكانوا يعتقدون- بصدق أو بغير صدق, لا يهم- أنه من خلال الاستعمار وبفضله, ستخرج الشعوب المستعمَرة من مرحلة التوحش إلى مرحلة التمدن..
فكأن الصراع بين الغرب والشرق آنذاك كان بين الحضارة والتوحش!. مما يعني أن الغرب لم يكن يعترف بأي حضارة أو ثقافة أخرى..
التمييز العنصري الغربي ظهر بكل وضوح في أحداث الحرب الروسية – الأوكرانية، بالصوت والصورة في أقوال سياسيين وتعليقات وسائل إعلامية وحتى في تصرفات رجال الشرطة وحرس الحدود الأوروبي مع اللاجئين على أساس العرق واللون والدين…
في دراسة استقصاءيةأجرتها المفوضية الأوروبية، يعتقد الأوروبيون بأن التمييز على أساس الأصل العرقي هو الشكل الأكثر شيوعا من التمييز في أوروبا)
فدول الاتحاد الأوروبي أظهرت عنصرية واضحة في التعامل إزاء اللاجئين من أوكرانيا على اعتبار أنها أوروبية ولاجئين من أسيا وأفريقيا).كما كشفت عدة صُحف وقنوات إخبارية دولية عن عنصرية الغرب في تغطية الأحداث في أوكرانيا بعبارات عنصرية تمييزية بحتة مُقارنة بأحداث دول الشرق الأوسط مثل العراق وسوريا وأفغانستان.ا
في مقال سابق بعنوان: روسيا تعري ااغرب وتحشره في الزاوية!!
https://essahraa.net/node/29820
حاولت ان ابين من خلاله عنصرية الغرب وتستره وراء الحرية والمساواة وحقوق الانسان على حد قول الشاعر:
ثوب الرياء يشف عما تحته@فإذا التحفت به فانك عاري
وان هذه الحرب انماخاضتها روسيا من أجل أمنها القومي من باب :اليك أعني واسمعي ياجارة كما يقول المثل العربي.
وبااستمرار الحرب على اوكرانيا يتكشف افلاس الغرب في كل يوما متخليا عن قيمه التي روج لها كثيرا…!!
الرئيس الأوكراني الكوميدي فولوديمير زيلينسكي، الذي سلحت ودربت وزودت واشنطن جيشه بعشرات آلاف الأطنان من المعدات الفتاكة، ودفعته لتحدي روسيا، هاهي تتخلى عنه وتتركه وحيدا دون أدنى استجابة لصرخاته واستغاثاته اليومية، ودعواته المتوسلة لأمريكا وحلف «الناتو» لفرض حظر جوي في سماء أوكرانيا، وهو ما رفضه الرئيس الأمريكي، بدعوى التخوف من الدخول في حرب مع روسيا وبهذا يدفع الشعب الاكراني الثمن فقد ادرك الرءيس الاكراني أن التمثيل على ارضية الواقع ليس كمثل التمثيل في عالم الافتراض كما ان امريكا والغرب واعلامه الذي دفع به الى نزال غير متكافيء هم أيضا شركاء في هذه الحرب.
إن تاريخ الغرب_ منذ أن أصبح هذا المفهوم مفهوما سياسيا استراتجيا يكشف عن حقيقة أساس قوامها: مواقف متغيرة وثابت لا يتغير: إن موقف الغرب من العرب أو من الصين أومن أية دولة أخرى في العالم, موقف يتغير دائما, وقد يقفز من النقيض إلى النقيض إذا اقتضى الأمر ذاك,أما الثابت الذي يحكم تحركات الغرب وتغير مواقفه فهو(المصالح) ,ولاشيء غير المصالح فعندما تمس مصالح الغرب أو يكون هناك ما يهددها, تتغير المواقف في الحين..
يظهر ذالك جليا في مغازلة أمريكا لفنزويلا من اجل امداداتها بالنفط ومعلوم ان رءيسها مادورو كانت تعتبره قبل هذا دكتاتورا مارقا على الشرعية مغصبا لها…!!
وبهذا تصبح الأرض الأوكرانية حقل تجارب أسلحة بين اكبر دولتين في العالم روسيا وأمريكيا، كل دولة تريد أن تجرب أسلحتها على الأخرى بالوكالة، والضحية الشعب الأوكراني.!!.
المتتبع لهذه الحرب يلاحظ فقدان مكانة الولايات المتحدة ونُفوذها في مِنطقة الشّرق الأوسط، (وخسارتها لمُعظم حُلفائها التّقليديين والتّاريخيين، خاصَّةً في مِنطقة الخليج العربي، ومن غير المُستَبعد أن تتزايد وتيرة هذا التّراجع سُرعَةً، مع ، ضعف هيمنة دولارها على النظام المالي العالمي بفِعل التحالف الروسي الصيني الجديد، وحالة الانقِسام اللّافتة في المُعسكر العربيّ المُناهض له على الجانب الآخر.
توجيه السعوديّة دعوةً للرئيس الصيني لزيارتها رسميًّا، والإعراب عن استِعدادها لاستِخدام اليوان الذهبي الصيني لتسديد العوائد النفطيّة، واتّخاذه كمِقياسٍ لتسعير برميل النفط بَدَلًا من الدّولار الأمريكي، وهذا يعني استِعداد المملكة، وربّما دول خليجيّة أُخرى للانضِمام إلى النظام المالي الروسي الصيني الجديد البديل لنظيره الغربي.)
أن الصين تحاول التفاوض مع المملكة بالدفع باليوان مقابل النفط، لافتة إلى أن هذا التوجه سيساعد بكين على البدء ببناء أرضية لاعتماد اليوان عملة عالمية.فهل هذا ممكن؟!
في جلسة استماع للجنة المصرفية بمجلس الشيوخ هذا الشهر، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن الحرب في أوكرانيا قد تسرع جهود بكين لتطوير بدائل للبنية التحتية للمدفوعات الدولية التي يهيمن عليها الدولار.
ويرى بنك غولدمان ساكس أن اليوان قد يتجاوز الين والجنيه الاسترليني ليصبح ثالث أكبر عملة احتياطي في العالم بحلول عام 2030م.
من جانبه، قال مدير أبحاث الاقتصاد الكلي، في شركة إنفيسكو المحدودة، بنجامين جونز، إن قرار الولايات المتحدة باستخدام العملة الأميركية كسلاح (في إطار العقوبات)، يسرع التحول إلى بدائل مثل اليوان.
وتحت عنوان: أكبر جريمة اقتصادية في التاريخ
لماذا الدولار هو مقياس الاقتصاد العالمي ؟؟
(اتفاقية برتون وودز 1944م
(Bretton Woods) تلك الاتفاقية التي جعلت الدولار هو المعيار النقدي الدولي لكل عملات العالم حيث تعهدت أمريكا بموجب تلك الاتفاقية وأمام دول العالم بانها تمتلك غطاء من الذهب يوازي ما تطرحه من دولارات.وتنص الاتفاقية على أن من يسلم أمريكا 35 دولارًا تسلمه أمريكا أوقية من الذهب.
أي : إنك إذا ذهبت إلى البنك المركزي الأمريكي بإمكانك استبدال 35 دولارًا بأونصة من الذهب، والولايات المتحدة الأمريكية تضمن لك ذلك…..
وحينها صار الدولار يُسمّى (عملة صعبة) واكتسب ثقة دولية، وذلك لاطمئنان الدول لوجود تغطيته له من الذهب
فقامت الدول بجمع أكبر قدر من الدولارات في خزائنها على أمل تحويل قيمتها إلى الذهب في أي وقت…
واستمر الوضع على هذا الحال زمنًا حتى خرج الرئيس نيكسون في السبيعينات على العالم فجأة في مشهد لا يتصوره أحد حتى في أفلام الخيال العلمي ليصدم كل سكان الكرة الأرضية جميعًا بأن الولايات المتحدة لن تسلم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب….
وليكتشف العالم أن الولايات المتحدة كانت تطبع الدولارات بعيدًا عن وجود غطاء من الذهب وانها اشترت ثروات الشعوب وامتلكت ثروات العالم بحفنة أوراق خضراء لا غطاء ذهبي لها.
أي أن الدولارات ببساطة عبارة عن أوراق تطبعها الماكينات الأمريكية ثم تحدد قيمة الورقة بالرقم الذي ستكتبه عليها فهي 10 أو 100 أو 500 دولار
قال نيكسون حينها أن الدولار سيُعوَّمُ أي ينزل في السوق تحت المضاربة، وسعر صرفه سيحدده العرض والطلب بدعوى أن الدولار قوي بسمعة أمريكا واقتصادها، وكأن هذه القوة الاقتصادية ليست قوة مستمدة من تلك الخدعة الكبرى التي استغفل بها العالم….!!
فلم تتمكن أي دولة من الاعتراض أو إعلان رفض هذا النظام النقدي الجديد لأن هذا الاعتراض سيعني حينها أن كل ما خزينة هذه الدول من مليارات الدولارات في بنوكها سيصبح ورقًا بلا قيمة وهي نتيجة أكثر كارثية مما أعلنه نيكسون
سُميّت هذه الحادثة الكبيرة عالميًا صدمة نيكسون (Nixon shock).
الأكيد أن العالم ما بعد أوكرانيا سيختلف في مساراته واتجاهاته،فهل تعجل الحرب الاكرانية افلاس أمريكا وميلاد نظام جديد مغاير؟!
الهامش:
من مقال لنيڤين عزت موقع صوت الشعب (بتصرف) بسيط
من مقال لعبد الباري عطوان موقع رأي اليوم(بتصرف) بسيط
(وكالات.)

شاهد أيضاً

د. محمد ولد أحظانا يؤرخ للموسيقى من خلال مصطلحها؛/المرابط ولد محمد لخديم

تُعدّ محاضرة الدكتور محمد ولد أحظانا رئيس نادي الفائزين بجائزة شنقيط حول الموسيقى الحسانية، التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *