الدكتور محمد الأمين ولد الذهبي(بوياي)… مهندس التحوّل الهادئ في البنك المركزي الموريتاني./المرابط ولد محمد لخديم

    تعجبت كثيرًا وأنا أقرأ بعض التدوينات المجوفة شكلًا ومضمونًا، تتهم محافظ البنك المركزي الموريتاني، الدكتور محمد الأمين ولد الذهبي، بالفساد!
       ومن باب الإنصاف، فإنني عرفته عن قرب، قبل التحاقه بالوظيفة العمومية، ثم أثناء توليه مناصب هامة: مديرًا للخزينة العامة مرتين، مديرًا لأملاك الدولة، وزيرًا للمالية، وأخيرًا محافظًا للبنك المركزي.
      ما ميّزه دومًا هو زهده الصادق في المال والمنصب، إلى درجة أن المقربين منه لم يستفيدوا من قربهم كما هو معتاد في مثل هذه المواقع!
إصلاحات صامتة في زمن الأزمات
    حين تسلّم الدكتور ولد الذهبي مهامه محافظًا للبنك المركزي، كانت موريتانيا ـ كغيرها من دول العالم ـ تواجه تحديات اقتصادية حادّة، في مقدمتها تداعيات جائحة كورونا.
      وكان يتطلب الإصلاح حينها شجاعة وقرارات جريئة، لكنه اختار طريقًا مختلفًا: الإصلاح الهادئ، المتزن، والمبني على رؤية استراتيجية لا تستعرض، بل تُنجز.

بصمات إصلاحية واضحة
ضمن فترة قيادته للمؤسسة المالية الأهم في البلاد، استطاع أن يحقق إنجازات محورية، من أبرزها:
_تطوير نظم الدفع الإلكتروني: من خلال تعزيز البنية التحتية الرقمية وتقليل الاعتماد على النقد التقليدي، ما ساهم في تسريع المعاملات وتعزيز الشفافية.

_تحديث سوق الصرف: في خطوة لاستعادة ثقة المتعاملين واستقرار العملة الوطنية.

_إطلاق أول بورصة وطنية (قيد الإنشاء بالتعاون مع بورصة لندن): وهي خطوة استراتيجية ستوفر منصة للاستثمار والتمويل وتساهم في خلق اقتصاد سوق حيوي.

_تعزيز الشمول المالي: عبر توسيع خدمات الدفع الرقمي وإدماج الفئات الهشة في الدورة الاقتصادية.

الابتكار يقود إلى التتويج
ولأن الأفعال أبلغ من الأقوال، فقد تُوّج الدكتور محمد الأمين ولد الذهبي بجائزة رواد التكنولوجيا المالية (FinTech) لعام 2024، في المنتدى الأفريقي للتكنولوجيا المالية، ليكون أول موريتاني يحظى بهذا التقدير القاري.

     وتأتي هذه الجائزة في سياق رؤية وطنية شاملة يقودها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، لتحديث القطاع المالي وتعزيز موقع موريتانيا على خارطة الاقتصاد الرقمي والابتكار المالي في القارة.

موريتانيا على خريطة الابتكار المالي
     إن فوز ولد الذهبي بهذه الجائزة ليس تكريمًا فرديًا فحسب، بل هو شهادة دولية على أن موريتانيا أصبحت وجهة واعدة للإصلاحات والابتكار المالي.
إنه إنجاز يعزز ثقة المستثمرين، ويفتح الباب أمام شراكات دولية، ويؤكد أن البلاد تمضي بثبات نحو بناء قطاع مالي عصري ينسجم مع المعايير العالمية.
     تأسيسا على ماسبق ما تحقق في البنك المركزي خلال  هذه الفترة يُعد نموذجًا ملهمًا للريادة الوطنية الصامتة… تلك التي تُحدث التغيير بعيدًا عن الضجيج، وتؤمن أن خدمة الوطن لا تحتاج إلى شعارات، بل إلى عقول مخلصة وأيادٍ نظيفة.
      إننا بحاجة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى أمثال محمد الأمين ولد الذهبي، ممن يشتغلون في صمت ويبنون في هدوء، ليظل الوطن فوق الجميع.

شاهد أيضاً

الأستاذ الدكتور اسلكواحمد ازيدبيه :”الفوضى الخلاقة”!!

    كتب الأستاذ الدكتور اسلكوا احمد ازيدبيه رئيس مجلس جائزة شنقيط بموريتانيا حول الواقع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *