الرئيسية / إصدارات / طريق الحق مدخل علمي الى الايمان (14)/ المرابط ولد محمد لخديم

طريق الحق مدخل علمي الى الايمان (14)/ المرابط ولد محمد لخديم

إن هناك حاجة لنشوء نظرية لغوية عامة لا تنفصل فيها الصورة عن المادة تكون قاعدة لهذه الفلسفات، فهل يمكننا القول أننا قد اقتربنا فعلا من هذه النظرية ؟!!
إذا رجعنا إلى المقاربة السالفة الذكر(26) للحضارة ووصفها كنسق كلي جامع يحدد عقليتها ونمط رؤيتها للوجود وأخذنا المقارنة التي أنجزها مالك بن نبي في سياق المقاربة بين قصتي روبنسون كروزو وحي ابن يقظان واستنتاجه للتمايز بين العقلين الغربي والشرقي، حيث ينتهي إلى تقرير اختلاف جوهري في الرؤية إلى الكائن الإنساني ووظيفته في الوجود، إذ تنزع الرؤية الفلسفية للحضارة الإسلامية نحو نظرة كلية كيفية، وتنزع الرؤية الغربية نحو نظرة تحليلية كمية.
وكون هذه الرؤية الكمية لاتبدو فقط في هذا النتاج السردي الروائي ولا في النمط الثقافي الحضاري الغربي الراهن، بل حتى في الخلفية الثقافية الهلينية ووقوف مدرسة فرانكفورت مليا عند أسطورة أو ديسيوس في ملحمة الأوديسة كاشفة عن مركزية هذه الرؤية المادية التي سيصطلح عليها هوركايم وأدرولو بالأدائية.
وتمظهرها في علم الفيزياء مع جاليليو في رؤيته التحليلية الرياضية للكون. وفلسفيا مع ديكارت في تمييزه بين الفكر والامتداد، وتأسيسه للعقل بوصفه قوة للسيطرة على الطبيعة واستغلالها. ومجتمعيا في النمط الليبرالي، كنمط يقتصد تأسيس واقع يعامل الذات الإنسانية بوصفها جسدا.
وحرص المنظرين للفكرة الرأسمالية في الخطاب ألحدائي الرأسمالي على اختزال الدوافع والأشواق والغايات الإنسانية ـ حتى تلك التي تخرج عن نطاق العلاقة الاقتصادية ـ إلى رغبات وأشواق جسدية لتؤول إلى محض رغبة اقتصادية !.
وما يراه السيسيولوجى الألماني ماكس فيبر في كتابه الشهير «الأخلاق لبروتستانتية» حيث يؤول شخصية روبنسون كروزو رائيا فيها تجسيدا لنموذج «الإنسان الاقتصادي» ومحدد لنمط الحضارة الرأسمالية.
نجد مما سبق أن هذا النموذج ليس ملمحا من ملامح النمط المجتمعي الصناعي فقط، بل هو محدد من محددات نمط التفكير الغربي ككل.
لكن الإنسان بفطرته ـ ليس مجرد كائن يعيش..يتواصل…

شاهد أيضاً

لقاء مع العلامة الراحل محمد المختار ولد أباه رحمه الله؛

عندما فزت بجائزة شنقيط في نسختها الثانية سنة 2003م عن كتابي: معرفة الله: دلائل الحقائق …

اترك رد