توطئة:
لعب البحر الأبيض المتوسط دورا نشيطا جدا في الحياة الدولية، فهو منطقة اتصال ومبادلات وتلاق بين حضارات القارات الثلاث أوروبا وآسيا وإفريقيا، ولمتقى طرق هذه القارات، وفي الوقت ذاته طريق عبور دولية، وقال أولاندو ريبيرو (ORLANDO RIBIERO) أنه مهد الحضارات، ومركز العالم” . ( 1 مجلة مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، 1995، ص, 42 )
وكانت الخريطة السياسية للعالم مشكلة من عدة إمبراطوريات من ضمنها الإمبراطورية العثمانية التي ضمت الكثير من البلدان العربية مشرقا ومغربا تحت حكمها عدا المغرب الأقصى الذي ظهر فيه نظام شريفي جديد. فمنها من أصبح ولاية تابعة لمقر الخلافة مثل مصر وسوريا والعراق وفلسطين، والبعض الآخر كان على شكل إيالات (أوجاق حسب تعبير ألتر عزيز سامح) كإيالة الجزائر وإيالة تونس وإيالة طرابلس (ليبيا).
وكانت هذه الإيالات مستقلة في اتخاذ القرار السياسي، وتابعة روحيا فقط للدولة العثمانية(2 عزيز سامح ، 1989، ص. 110- 126.)، ووصـل نفوذ حكم الأتراك إلى جنوب شرق أوروبا (البلقان). وفي شمال غرب الحوض المتوسطي إمبراطورية البرتغال وإسبانيا اللتان تراجع نفوذهما، وإمبراطورية فرنسا وانجلترا اللتان ظهرتا كأكبر قوة تنافس الإمـبراطورية العثمانية قصد الحصول على امتيازات متعددة، ودويلات أخرى كإيطاليا وجنوة والبندقية وغيرها، وكانت كلها مرتبطة بمعاهدات صـداقة وسلام مع دفع ضريبة سنوية (3 لبيب يونان، 1981، ص. 80. )، وإمبراطورية النمسا وروسيا القيصرية اللتان لعبتا دورا بارزا في تحريض الشعوب البلقانية بهدف الانفصال عن مركز الخلافة العثمانية، وسعي روسيا الوصول إلى المياه الدافئة.
وفي أقصـى الغرب تم ميلاد دولة جديدة هي الولايات المتحدة الأمريكـية سنة 1776، فأنشأت مؤسستها السياسية كالكونغرس، ودخلت مسرح العلاقات الدولية بقوة. والحقيقة أن هذه الدولة الناشئة لم تكن تحمل فكرا استعماريا كبريطانيا وفرنسا بل فكرا اقتصاديا لتحقيق أغراض سياسية، والتزم رؤسـاؤها الذين تعاقبوا على الحكم الاهتمام بالبناء السياســــــــــــــــــــــــــــــــــــي والاقتصادي والاجتمــــــــــــــــــاعي والفكــــــــــــــــــــــري المتميز(4 – Henry. 1989, p.144 Allan. )
1- أهمية البحر الأبيض المتوسط في رسم العلاقات الدولية:
اكتسى البحر الأبيض المتوسط الصبغة العالمية خلال القرن الثامن عشر باعتبار كونه محـور العلاقات الدولية التي كانت قائمة على أساس حماية كل دولة لمصالحها التجارية. وكـانت الخريطة العالمية تتشكل من الدول الأوروبية في شمال الحوض المتوسـطي من جهة التي كانت في صراع دائم فيما بينها من أجـل حماية كل واحدة لمصالحها التجارية في البحر الأبيض المتوسط، باعتباره المحور لمرور البضائع والأشخاص( 5 محمد، ص 171 ) .
والدولة العثمانية من جهة أخرى الـتي كانت الـخلفية الرئيسية والخلافة الروحية للعالم الإسلامي. وكانت تلك الدولـة تشكل عائقا لسفن الدول الأوروبية نظرا لتواجد أسطولها الحربي الذي كان يتصدى للسفن التجارية التي لم تكن ملتزمة بدفع أتاوات لها. وقد امتد حكمها على أوسع رقعة من ساحة الأمصار الإسلامية (الشرق والمغرب العربيين عدا المغرب الأقصى). وكانت الخـلافة العثمانية محط أنظار المسلـمين (6 لوثروب، 1972، ص ص. 278- 289 )، ولو كانوا خارج حدودها، وكانت الدولة العثمانية أقوى دولة إمبراطورية تحرص على مساعدة المسلمين في كل بقعة من العالم العربي وتعد نفسها مسؤولة عنهم وحاميتهم، ولذلك استجابت للجزائريين بمجرد استنجادهم بها لطرد الإسبان.
وقد كان العثمانيـون يشـكلون قوة بحرية بعد دخولهم في البحر الأبـيض المتوسط، وكانوا يقومون بملاحقة القراصنة الأوروبيين. وكانت الدول الأوروبية تقدر تلك القوة البحرية نظرا للأسطول الحربي الذي كانت تملكـه. واستطاع العثمانيون تحويل البحر الأبيض المتوسط إلى بحيرة عثمانية. وكانت استجابتهم للجزائريين بدافع الوازع الديني الذي كان يمليه عـليهم. وتحركـت أساطيلهم نحو الجزائر للدفاع عن شرفهم وطرد الإسبان من المنطقة.
وكـان العثمانيون ويعدون أنفسهم المدافعين عن العام العربي وعن دياره، واستعانوا في هذه المهمة بالجيش الانكشاري الذي أعدوه أحسن إعداد فكان أداة أساسية في نشر الإسلام خاصة في الجنوب الشرقي لأوروبا. ومـرت هذه الإمبراطورية كغيرها عن الإمبراطوريات في العالم بمرحلة القوة التي ظهر فيها حكاما من أهمهم سليم الأول وابنه سليمان القانوني الذي يصفه المؤرخون من أمثال كلو (CLOT)، ورو (ROUX) ”بسليمان الرابع”. (7 LAMOUCHE, 1953, pp. 90- 102. ).
بلغـت الدولة العثمانية ذروة قوتها وأوج ازدهارها خلال القرن السـادس الميلادي فامتدت حدودها من القوقاز وإيران شرقا إلى أبواب فيينا وبلاد المغرب غربا، ومن جنوب روسيا وبولندا شمالا إلى الحبشة والمحيط الهـندي جـنوبا، وراحت تمنح الامتيازات التجارية للدول غير المتحاربة معهـا، وفـتح الموانـئ أمام التجار الأجانب، وعواصمها أمام القناصل والسفراء الأوروبيين.
وبذلك اصـطبغت هذه الإمـبراطورية بالصبغة العالمية فبسطت نفوذهـا، ووطدت حكمهـا في القارات الثلاثة. وفي عهد سليمان القانوني 1520-1566 اسـتأنفت سياستها القائمة على الغزو والجهاد في سبيل الله ضـد العالم الصليبي الغربي بقدرة وتفوق منقطع النظير، بعد ”اكتسابها قوة عظيمة، واعتراف العالم الإسلامي بها كقيادة سياسية ودينية جديدة” . (8 سيد محمد ، 1996، ص. 79 ).
الأتراك في شمال أفريقيا:
ومـع بداية القرن الثامن عشر برزت معالم ضعف الدولة العثمانية بسـبب الفسـاد الإداري الذي أدى إلى نشأة الأسرة القرمانالية التي حكمت ليبيا (1711- 1835)، والتي استقلت استقلالا داخليا عن السلطنة العثمانية، ومؤسس هذه الأسرة أحمد القرمانالي الذي امتد سلطانه إلى كل من طرابلس وبـرقة وفـزان. وفي أواخر حكم هذه الأسرة هاجمت الأساطيل الغربية الموانئ الليبية، لكنها تعرضت للهزيمة. وفي النهاية عاد الحكم العثماني إلى البلاد عام 1735 (9 محمود ، 1991، ص. 518. ) . كمـا دخلـت تونس تحت الحكم العثماني عام 1573 بعد استنجاد الحسـن الحفصي العثماني فتمكن القائد التركي درغوث باشا من دخول القـيروان، والقائد سنان باشا من الاستيلاء على الحصون وأسر محمد الحفصي، واعتقله بالآستانة حيث توفي بها.
ومن بين مجاهدي هذه الحركة البحاران التركيان عروج وشقيقه خير الدين اللـذان ظهـرا كقوة مضـادة للقرصنة الأوربـية” (10 André, 1989, pp. 406- 407. ). ولما عجزت مدينة الجزائر عن مواجهة التهديد الإسباني، سارع سكانها إلى الاستنجاد بالأخوين لدفع الخطر المحدق بمدينتهم وعقب ذلك انضمت الجزائر إلى السـلطة العثمانية عام 1518، فتدعمت الدولة العثمانية بقوة عسكرية جديدة فـي الغرب، وثبتت الحكم التركي بها. والذي مر بمراحل تاريخية هامة مـرحلة البـيلربايات 1518-1588، مرحلة الباشاوات 1588- 1659، مرحلة الأغوات 1659- 1671، مرحلة الدايات 1671- 1830) 11 ناصر الدين ، 1984، ص.ص. 14- 15. ) .
وأهـم مـا يستحق الوقوف عنده من أحداث هذا العصر هو تمكن الجيش الجزائري عن تصفية الوجود الإسباني نهائيا في كل من وهران والمرسـى الكبـير سنة 1792، بعد مصادمات عسكرية ابتدأت منذ سنة 1708 (12 أحمد توفيق ، 1984، ص. 18) . وبقيـت الجزائر تحت حكم العثمانيين مرتبطة معها روحيا فقط (13 نور الدين ، 1965، ص. 86. )، فيما حققت استقلالها في اتخاذ القرار السياسي تجاه الدول الأجنبية إلى غاية دخول الاستعمار عام 1830.
تعتبر الفترة التي عاشتها الإمبراطوريــة العثمانية منذ فتح القسطنطينية إلى آخر أيام سليمان القانوني فترة قوة وازدهار (14 محمد مارس 1996. ص. 27)، ومع بداية القرن الثامـن عشر برزت معـالم الضعف تدبّ إلى الدولة العثمانية لمجموعة عوامل ذكرها محمود شاكر:
أ/ الفساد الإداري وانتشار الرشوة، والاختلاس وبيع الوظائف.
ب/ الامتـيازات التي منحت للدول الأجنبية بمقتضى مجموعة من الاتفاقـيات” (15 محمود ، ص. 520.)، وحصـولهم على حقوق خولت لهم التدخل في شؤون الدولة عن طريق رعاياها من النصارى.
امتيازات الدول الأوربية في الامبراطورية العثمانية:
وشكلت الامتيازات بداية للتسرب الاستعماري الأوروبي داخل الإمبراطورية العثمانية، خلال هذه الفترة انتهج السلاطين العثمانيون سياسة تشـجيع المـبادلات مع أوروبا، وسمحوا باستقرار التجار الأوروبيين ببعض المـدن خاصة منها الموانئ. وشكل تجار المدن الإيطالية أهم جالية أجنبية نظرا لحنكتهم وتقاليدهم التجارية. وخولت لهم الامتيازات التي منحت لهم تعاطـي الـتجارة مع ضمان ممتلكاتهم كما تمتعوا بامتيازات جمركية (16 عبد العزيز ، 1998، ص. 93. ). ولم يكن هذا التعامل مع الأجانب يمس في شيء السيادة العثمانية ما دامت الدولة فـي أوج قوتها وقادرة على سحب الامتيازات التي منحتها، وما دام عدد التجار الأوربيين قليلا في موانئ الإمبراطورية.
واكتسبت الامتيازات صبغة الاتفاقيات بين الدول الأوربية والإمـبراطورية العثمانـية، وهذا خلال القرن السادس عشر. وكانت تمنح مقابل ضمان دعم سياسي مثل الاتفاقية بين سليمان القانوني وفرانسوا الأول عـام 1535، التي توخى من ورائها السلطان الدعم الفرنسي ضد الهابسبروغ. وخولت هذه الاتفاقية امتيازات للتجار وحق حماية الطوائف الدينية خاصة منها المسيحية. وسارعت دول أوروبيـــــــــة أخرى مثل انجلترا وهولنــــــــــــــــــدا لانتزاع اتفاقية ممــــــــــاثلة (17 محمد ، 1983، ص.ص. 223- 224) .
واتخذت الامتيازات طابع التدخل في شؤون الدولة العثمانية، ذلك أن نمو الرأسمالية الغربية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر دفع بها إلى البحث عن أسواق ومواد لتنمية الرساميل بواسطة الأرباح المضاعفة . (18 محمد ، ص 167 ).
وهكـذا نستنتج أن تلك الامتيازات تحولت إلى حقوق لا يمكن للعثمانيين الـتراجع عنها كأنها قانون دولي معترف به. واستغلت الدول الأوربـية تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في الإمبراطورية وحاجاتها إلى الأموال والأسلحة العصرية لتفرض عليها مزيدا من التنازل.
ولم تقتصر الامتيازات على التجار الأوروبيين من فرنسيين وانجليز وهولندييـن، بل امتدت إلى فئة من الرعايا المحميين خاصة المسيحيين والـيهود الذين شكلوا سماسرة ووسطاء التجار الأوروبيين. وتمتع هؤلاء بامتيازات هامة منها الإعفاء من الضرائب، والاستثناء من سلطة المحاكم الشرعية، وصيانة ممتلكاتهم من المصادرة.
ولـم تقف الحماية عند الأشخاص بل امتدت إلى جماعات وطوائف. وكسبت فئة المحميين منافع تجارية ومالية هامة، واشتد شعورها الطائفي. وأصـبحت تمثل الرأسمال الأوروبي خاصة في أواخر القرن الثامن عشر عـندما بدأ التجار الأوربيون يهجرون المشرق بفعل الاضطرابات الداخلية، فتهافـت القناصل الأوربيون لإعطاء المزيد من الحماية (19 جلال ، 1966، ص. 82). وأصبحت كل دولـة تتوفر على مجموعة من العملاء والمستخدمين داخل الإمبراطورية. وعلـى سبيل المثال تحصل سفير البندقية على 460 شهادة للحماية في مدة قصـيرة، وبعد سنة 1774، بدأ السفير الروسي يعطي الحماية للأورثوذكس علـى نطـاق واسع كما أشار إلى ذلك فريـــــــــــــــــد بك ”عقب استيلاء روسيا على بــــــــــــــــــــلاد القـــــــــــرم” (20 محمد، 1083 ، ص. 360. ) .
ويـتفق المؤرخـون أن الامتـيازات التـي منحت للتجار الأجانب ومحميـيهم عرقلت تطور الرأسمال العثماني، ووضعت التجار المحليين في موقـع غـير متكافئ مع الأجانب خاصة لما قامت الشركات الأوربية مثل شركة الهند الشرقية، وشـركة الليفانت والشركــــــــــــــــــــــة الموسكوفيــــــــــــــــــــــــــــة ( 21 كارل1981، ص ص. 507- 508.) بتركيز أقدامها فـي موانـئ الإمـبراطورية العثمانية، وهي شركات ذات إمكانيات مالية ضـخمة ممـا جعـل التجارة المحلية عرضة للإفلاس بسبب هذه المنافسة القوية.
وفتحـت الامتيازات الباب أمام البضائع الأوربية المصنوعة بسبب تحديد الرسوم الجمركية، مما عرض الصناعة الحرفية المحلية للإهمال. وقد تدعـم هـذا الـتغلغل الاقتصـادي بحـروب شنتها الدول الأوروبية ضد الإمبراطورية العثمانية على امتداد القرنين السابع عشر والثامن عشر انتهت بفقدان الأتراك لمناطق مهمة من إمبراطوريتهم بدءا من الأقاليم الواقعة في أوروبا (22 محمد ص. 115 ) .
العلاقات العثمانية الأوربية:
لـقد تميزت العلاقات العثمانية الأوربية في شكلها العام بالحرب منذ نـزول الأتـراك بأوروبا. وأخذت هذه الحرب في البحر الأبيض المتوسط طابعـا عنصــريا ودينـيا (23 محمد ، 1983، ص. 310). ولذلك اتفقت الدولة العـثمانية مع النمسا على مهادنـة لمدة خمس وعشرين سنة، وأن لا تدفع النمسا أو غيرها من الدول الأوربـية شـيئا لها على سبيل الجزية أو الهدية” (24 ماتيو ، 1977، ص.ص. 264- 266.). واعتبرت هذه المعاهدة بدايـة لـزوال الخطـر العثماني عن أوروبا، وظهور الحركة الاستعمارية الأوروبـية في الولايات العربية. وبهذا خسرت الدولة العثمانية كثيرا من أراضـيها، وتـراجع اقتصادها. الأمر الذي أدى إلى ظهور بداية الأزمات الاجتماعـية، وتدنـي قوتها بسبب الفوضى وعدم الاستقرار الداخلي، الأمر الذي جعلها تفقد هيبتها الدولية.
أما الاتصالات العثمانية الروسية فقد بدأت عندما أرسل إيفان الثالث قيصـر روسيا احتجاجا إلى الدولة العثمانية ضد إساءة رعاياها إلى بعض التجار الروس، ثم فتحت سفارة لها بالآستانة. وكانت روسيا تسعى للتوسع على قصد السيطرة على شبه جزيرة القرم، والأستانة، ولإيجاد منفذا روسيا إلى البحر الأبيض المتوسط. وفي سنة 1711 ”أعلن العثمانيون الحرب على روسيا بسبب التحصينات والتحركات العسكرية الروسية على الحدود العثمانـية” ، إلا أن كاتريـن زوجة بطرس قيصر روسيا تمكنت من إقناع القائد العثماني على إبرام معاهدة بروث سنة 1711 (25 76 Richard. F, 1966, )، وأهم ما جاء فيها:
1- إرجاع ميناء أزوف وما جاوره من المناطق إلى الدول العثمانية.
2- تهديم التحصينات الروسية على الحدود العثمانية.
3- غلق السفارة الروسية في الأستانة.
وفي عهد كاترين الثانية تجددت الحرب بين روسيا والدولة العثمانية، لأنهـا عزمـت على اغتنام ضعف العثمانيين لتخضعهم، واسترضت النمسا وبولـندا لتـتفرغ لحرب الأتـراك حتى اضطر السلطان إلى عقد معاهدة كوجوك قينارجي سنة 1774 م (26 سيد محمد ، ص.ص. 162- 164)، التي تعتبر من الأحداث السياسية الهامة في تـاريخ البلديـن، إذ بموجبها تمكنت روسيا من الحصول على امتيازات في الدولـة العثمانـية. وبموجب هذه المعاهدة منح تتار القرم وقوبان وبوجاق اسـتقلالهم السياسـي وظلوا مرتبطين ارتباطا عقديا فقط، وتنازلت الدولة العثمانـية لروسـيا عن الأراضي المنحصرة بين نهري أوزي وآق صو، وتقـرر فيها انسحاب الروس من بصارابيا والأفلاق والبغدان وكورجستان التـي كان الروس قد احتلوها، وفتح مضايق البوسفور والدردنيل أمام سفن الـتجارة الروسـية (27 محمد ، 1983, ص. 342). ويقول المؤرخ بترز (PETERS): ”أن الديبلوماسية الفرنسـية تمكنـت من جر تركيا إلى إعلانها الحرب على روسيا” (28 محمد 1983، ص ص. 343- 357 )، وذلك حفاظا على مصالحها الاقتصادية في البحر الأبيض المتوسط.
ومن أهم المظاهر التي عرفتها الديبلوماسية الأوروبية تقارب المصالح بين الدول الكبرى (روسيا والنمسا وفرنسا وانجلترا) إلا أن انـجلترا وفرنسا وقفت إلى جانب الدولة العثمانية في حربها ضد روسيا عام 1710 بسبب الاختلاف في المصالح.
وفـيما يخـص العلاقات مع النمسا فقد عرفت توترا مستمرا بسبب مواصـلة الأتراك لعملية الفتح والتوسع، لكن وبمقتضى معاهدة بصاروفجة سنة 1718 توسعت النمسا شرقا، واستولت على ولايات الدانوب، ووصلت إلى بحر الأدرياتيك وبحر إيجه في الحوض المتوسطي، محاولة منها تضييق الخناق على القوة البحرية الإسلامية خاصة في القسم الغربي منه لوضع حد لنشـاط الـبحرية الجزائرية التي كانت تشكل خطرا على التجارة الغربية. وقدمـت النمسـا مساعدات مادية لشعوب البلقان، وحرضتهم ضد الأتراك بهـدف الاستقلال عنهم، فتشكلت كتائب ثورية أخذت تطالب بالانفصال عن الدولة العثمانية وتكوين دول مستقلة عنها.
أما فـيما يـتعلق بالعلاقات العثمانية الفرنسية فقد افتتحت بمعاهدة الامتـيازات سنة 1535 المبرمة بين السلطان سليمان القانونـي، والملك فرانسـوا الأول، وتجـددت معاهدة الامتيازات عدة مرات، أهمها معاهدة 1740 التي أعطت امتيازات قضائية واسعة (29 حسين ، 1992، ص ص. 45- 46 ). واستمرت الصداقة والصلات الودية بين الأتراك والفرنسيين إلى غاية ظهور نابليون بونابرت وسيطرته الجزئـية على البحر الأبيض المتوسط بقوة لعلمه بضعف الأسطول الحربي العثمانـي. وأحـدث تدخلـه ذلك تغييرا في العلاقات الديبلوماسية في كل الحـوض المتوسطي وأرجع الكفة لصالح فرنسا بالدرجة الأولى، علما أن الصـراع كـان بينها وبين بريطانيا من أجل الاستيلاء على مناطق النفوذ، ووقفت الدول الأوربية كلها ضد نابليون وأهدافه التوسعية.
وتسـببت الحملة النابليونية على مصر سنة 1798 (30 حسين ، ص. 59 ) استياء السلطان محمود الثاني من هذا الاعتداء السافر الذي عكر صفو الديبلوماسية الفرنسية العثمانـية (31 حسين ، ص. 60.). وبعـد خـروج الفرنسيين من مصر، وسقوط نابليون عادت الصلات التقليدية بين الدولة العثمانية وفرنسا، باستثناء فترة وزارة تيير (THIERS) التـي ساعدت محمد علي على الانفصال بولاية مصر، وفترة المد الاستعماري على الجزائر وتونس (32 ماتيو ، 1984 ، ص 324.) .
بدأت انجلـترا عـلاقاتها مع الدولة العثمانية بفضل شركة الهـند الشرقية الانجليزية حيث حصلت بريطانيا في أواخر القرن السادس عشر على امتيازات واسعة في البلاد العثمانية، وجددت هذه الامتيازات عدة مـرات. فتمكـن التجار الانجليز من ممارسة نشاطهم التجاري بحرية في عـرض الـبحار العثمانية، ومن أجل ذلك ظهر الصراع والتنافس بين بريطانيا وفرنسا حول مناطق الشرق (33 عبد العزيز ، 1973، ص. 121). لقد اتخذ الصراع العثماني الإسلامي المسيحي تطورات جديدة تمثلت في محاولة الدول الأوربية الكبرى تقسيم الدولة العثمانية، وتصفية أملاكها بشرق أوروبا، والشرق العربي (34 ماتيو ، 1984، ص ص. 317- 318 ) .
ويتبين مما سبق ذكره أن الصراع كان على أشده بين الدولة العثمانية التـي تدافـع عن الإسلام وعن المسلميـن، والدول الأوروبيـة التي كانت عـلى رأس المسـيحية، محاولـة الاسـتيلاء على البحر الأبيـض المتوسط وتصفية الوجود العثماني منه، وتغليب الصليب على الهلال. وكانت أوروبا عامـة وعلى رأسها البابا تذكي الحماس الصليبي ضد العثمانيين (35 لوثروب ، 1972، ص ص. 278- 289.). لأن هذا الصراع ناشئ من طبيعة اختلاف الحضارتين، ولأسباب تاريخية.
ولمـا أخذ الضعف يدب بصورة فعلية في الإمبراطورية العثمانية تمكنـت الدول الأوروبية من اختراق ذلك السور الذي كان مضروبا عليها، ثـم تغلغلت عن طريق التسلل السياسي في الشام ومصر وغيرها، وهكذا لم يـبق من حاجة المبشرين سوى تهيئة الطريق أمام الجيش الأوربي الزاحف للاستيلاء على ممتلكات الدولة العثمانية وتقسيمها (المد الاستعماري (36 محمود ، 1991، ص. 120).
إن الحديث عن العلاقات العثمانية الأوروبية في بحثنا يعطي فكرة شاملـة عن مكانـة الدولة العثمانية، فوجودها أصبغ على الإيالات طابع القوة، فهي مركز الخلافة وكل العالم العربي كان يدين لها بالولاء آنذاك.
وقـد كـان الصـراع محتدما بين الدول الأوربية نفسها في البحر الأبـيض المتوسـط عشية استقلال الولايات المتحدة الأمريكية حيث تمكن الأسـطول الانجليزي بقـيادة الأميرال باينغ من تدمير الأسطول الإسباني. وقـبل اسـتقلال الولايات المتحدة بفترة زمنية أخذت العلاقات الدولية في الـبحر الأبيض المتوسط الغربـي منه شكل التسوية بين فرنسا والنمسا للوقوف في وجه بريطانيا. وهكذا استـطاعت إسـبانيا إصـلاح جيشها وعقد معـاهدة مع مراكش لإيقاف الحروب التي كانت بينهما، وبالتالي استرجاع مكانـتها في البـحر الأبيض المتوسط، وأطلقت يدها ضد بريطانيا، ثم توجهت بحملة إلى الجزائر عام 1775 التي باءت بالفشل.
أما بريطانيا فقد ظهر ضعف نفوذها في البحر المتوسط بشكل مؤثر أثـناء حـرب الاسـتقلال الأمريكي، وجوبهت بأقوى تجمع أوربي ضدها إضـافة إلى الحرب التي شنها الأمريكيــون ضدها في القارة الأمريكية. وبهذا انقطع الوجـود البريطانــي في البحـر المتوسط كــدولة بحـريـة وبالتالـي ردت تجارتها البحرية وتضررت كثيرا، واستطاعت مـع ذلـك الحفاظ على أهم مواقعها في البحر الأبيـض المتوسط خاصـة جـبل طـارق بعـد العرض الإسباني باستبداله ببورتوريكو (37 مصطفى ، عمر، 1973، ص. 145). وما دامـت بريطانـيا – و لو مغلوبة – تملك جبل طارق، فقد ظلت على الأقل ظاهرا إحــدى دول البحــر الأبيض المتوسط الكبرى.
– مكانة إيالة الجزائر في البحر الأبيض المتوسط والاتفاقيات مع الدول الأوروبية:
كانـت إيالـة الجزائـر أقوى الإيالات في شمال إفريقيا نظرا لقوة أسـطولها الـبحري الـذي كان يمارس الجهاد البحري ضد قراصنة الدول الأوروبية، وذلك في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط. ووجب على كـل دولة مسيحية دفع إتاوات وهدايا قنصلية كي تعقد مع الجزائر معاهدة سـلام، حتى يسمح لسفنها التجارية بالمرور، مع توفير الأمن لها وحمايتها من أي اعتداء كانت تتعرض له ( 38 خليفة، 1992،ص ص. 175- 185..}
الاتفاقية بين إيالة الجزائر وإسبانيا:
تعد إسبانيا من الدول الأوروبية التي كانت في حرب مستمرة مع الجزائـر حيث أرادت السيطرة على البحر الأبيض المتوسط. لكن القوة الجزائـرية تصدت بغاراتها في العديد من المرات، حتى تم تحرير وهران والمرسـى الكبـير. وذلك بعد أن وعت الجزائر الأبعاد الحقيقية للحملات الإسبانية الصليبية، فسخرت كل إمكانياتها المادية والبشرية 39 يحي ، 1980، ص ص. 20- 21 . وتناول توفيق المدنـي الصـراع الجزائري الإسباني بالتفصيل في كتابه (حرب الثلاثمائة سنة)، ومن جملـة ما أورد فيه قول المؤرخ الفرنسي فرنارند بروديل: ” أن التعصـب الديني والرغبـة الجامحـة في محاولة تنصير المسلمين، وإرادة إبعـاد حدود الإسلام. هذه الأسباب مجتمعة دفعت بالإسبان في أواخر القرن الخـامس عشـر والقرن السادس عشر إلى التحرش على البلدان الإسلامية بالشـمال الإفريقي. وقد أخذت هذه الحروب صبغة الصليبية الحقيقية” {40 أحمد، ، ص. 81.} ) ضد بحـارة الإيـالات الثلاث (ليبيا، تونس، الجزائر). وكانت جزيرة مالطة مـتطورة بحكـم استعمال التجار والبحارة لموانئها، فأصبحت ”سوقا هامة للرقـيق، بالإضـافة إلـى فـرص الـتخلص مـن السـفن والبضـائع المحـتجزة”41 . وبالـرغم من قوة الإسبان البحرية، إلا أنهم لم يكونوا قادرين علـى الوصـول إلى السواحل، والاستيلاء على السفن الجزائرية، وكـل ما كانـت تسـعى إليه الحكومة الإسبانية تأمين المحور البحري بين برشلونة وجنوة لنقل الجنود والمؤونة الموجهة إلى ميادين المعارك42.
اندلعـت الحـرب عـام 1782، وحرب أخرى عام 1784 43 التي توجـت باللقـاء الإسـباني الجزائري، وقد جاء الوفد الإسباني إلى مدينة الجزائر للتفاوض وعقد معاهدة سلم يرأسه الكونت ديسبيلي (D’ESPILLY) والكونـت دي مـاثـاريدو (MAZAREDDO) في جوان 1785. ولكن الداي محمد عثمان رفض السلام مع إسبانيا. ودامت المفاوضات سنة كاملة إلـى يوم 14 جـوان 1786، حيث تم إبرام أول معاهدة بين الداي محمد عـثمان والـدون كارلوس الثالث ملك إسبانيا غير أن هذه المعاهدة لم تكن نافذة المفعول بسبب التواجد الإسباني بمدينة وهران 44.
طلبـت الحكومة الإسبانية تجديد معاهدة الصداقة والسلام في بداية الجـلاء عن مدينة وهران يوم 12 سبتمبر 1791 بين الداي حسن والملك دون كـارلوس الرابع. وكانت هذه المعاهدة مرهقة لإسبانيا حيث كلفتها دفع ضريبة سنوية قدرها مائة وعشرون ألف جنيه، وهدايا تتضمن أسلحة وسفنا وعتادا بحريا وحربيا. إن قـبول الـداي الـتفاوض مع الإسبان يعود أساس إلى إبرام هذه الأخـيرة الصـلح مع المغرب الأقصى وطرابلس . ويحدثنا الشريف الزهار عـن الصلح الجزائري- الإسباني فيقول: ” فلما كانت سنة 1199هـ/ 1785م أتـى الاصـبانيول للصلح، وأتوا معهم بالأسارى (الأسرى) الذين عـندهم وأبدلوهم بالنصارى الأسارى. أما الأسرى الباقين من الاصبانيول (الإسبان)، فدفع عنهم ألف دورو على الرأس، وكذلك دفع لهل البلاد قيمة الأسـرى الذيـن بأيديهم ألف دورو لكل رأس. وحمل الأسارى ووقع بينهم الصلح على مائة سنة وذلك في البحر فقط. أما في البر من جهة وهران فلم يقع الصلح إلى أن فتح الله على المسلمين في أول ولاية حسن باشا، خلف صـاحب الترجمة، ودفع الاصبانيول ثمن الصلح وأنزلوا القنصل، ودفعوا العوائد…” 45.
وكانـت المعاهدة الجزائرية الإسبانية تتكون من 25 مادة تتعلق كلهـا حول تأمين التجارة والتجار وسفنهم ورسوها في الموانئ الجزائرية، ومعاقبة كل شخص من الطرفين لا يلتزم بشروط المعاهدة، ودفع تعويضات فـي حالـة أي اعتداء 46. كما التزمت إسبانيا وتعهدت بدفع هدايا دورية للدايـات، وأعضاء الديوان، وأثناء إبرام المعاهدات، ودفع مبالغ مالية كلما جددت قنصلها. وكانت مملكة نابلي تابعة لإسبانيا، وذات أهمية إستراتيجية. وكانـت كـل التحالفات الأوربية ضد المسلمين تنطلق منها باعتبارها قاعدة خلفية لضرب القوة الجزائرية 47.
الاتفاقية بين إيالة الجزائر وبريطانيا:
أرسلـت ببريطانيا أول قنصل لها سنة 1580 هو يوهــان تيبـتــون (YOHAN TIPTON) نظرا لاهتمامها الخاص بالبحر الأبيض المتوسط، تم توقيع أول معاهدة سلم وتجارة بين حامد باشا، وأوليفر كرومويل (OLIVER KROMWEEL) على 1655 48.
وفي هذه الفترة أرادت أوربا تكوين حلف ضد إيالة الجزائر لإعلان الحرب عليها. لكن القوة البحرية الجزائرية استطاعت أن تستحوذ على اثني عشر مركبا انجليزيا. وكانت بريطانيا دائما تلح على الحكومة الجزائرية في تأسـيس مراكز تجارية لها على السواحل الجزائرية، فامتنعت بسبب المعـاهدات الفرنسية التي سمحت لفرنسا إنشاء مراكز تجارية. وكان رد بريطانـيا بإرسـال عمـارة بحرية تحتوي على 23 قطعة حربية. ورست بالقـرب من ميناء الجزائر، وبعثت مندوبها إلى الآغا خليل، وقدمت له مطالبها، فقوبلت بالرفض 49.
بقي الأسطول الانجليزي راسيا بميناء الجزائر لمدة ثلاث وعشرين يومـا، لعـل الآغا يتراجع في قراره. ولما تأكد الانجليز من عدم تنازله، قصفوا مدينة الجزائر بالمدافع، فرد الجزائريون من حصونهم بقوة. فكانت نتـيجة ذلـك تـراجع الانجليز إلى جزر البليار، وخضوعهم لشروط إيالة الجزائـر، مـنها تحمل بريطانيا جميع خسائر الحرب، ونفقاتها، وتسليم 12 ألف قنبلة، و15 قنطارا من البارود 50.
إن عـناد بريطانـيا ونزعتها التسلطية كبدها خسائر بحرية كبيرة. مما دفعها بجر روسيا إلى عرض البحر المتوسط لإضعاف القوة الإسلامية فيه، ورغـم ذلك لم يتوان الانجليز في إبرام المعاهدات مع إيالة الجزائر حفاظا علـى مصالحهم الاقتصادية في المتوسط، وكان مجموعها منذ 1655 تسعة وعشرون معاهدة، ”التزمت بموجبها على تقديم هدايا تطييبا لخاطر الداي وكسـب مودتـه مـع دفع مبلغ 600 جنيه إسترليني كلما تم تجديد قنصلها حسـب ما أورده الطبيب شو” 51، وتزويد البحرية الجزائرية بمعدات للسفن الحديدية منها والفولاذية، وبالكبريت، والبارود 52.
ويقـول (VENTURE DE PARADIS) ”أن الانجلـيز كـانوا يدفعـون للداي هدايا وأعطيات ذهبية، وتجهيزات حربية” 53 منها: 50 مدفعا حديديـا منه ذات عيار 12 رطلا، زنة كل واحد منها 22 قنطارا. ومجموع وزنهـا كلهـا 565 قـنطار و64 رطــل، و60 مدفعا ذات عيار 06 رطـلا، زنـة كل واحد منها 12 قنطارا ووزنها كلها 7961 رطلا. و16 مدفعا ذات عيار 08 رطلا، زنتها كلها 950 و34 رطلا. ووزن المدافع 18 كلهـا: 1074 قـنطارا و75 رطلا. وثمنها 05 كيلات للقنطار الواحد من الحديد، يضاف إليها ثلاث مخاطف (Ancres) بنفس السعر 54.
واقترحـت بريطانيا علـى الجزائر تزويدها بسفن متنوعة حديدية وفولاذيـة وقدمـت لإيالة الجزائر عام 1787 التجهيزات التالية: 04 مدافع ذات عيـار 40 رطـلا، و200 برمـيل بارود، كل واحــد يزن نصف قنطار، و400 قنبلة من عيار تلك المدافع 55..
كانـت بريطانـيا تقـوم بـتقديم هذه المعدات والتجهيزات لإيالة الجزائـر كترضيات لكسب ود الداي، والمحافظة على مصالحهم في البحر المتوسـط، ولعزل فرنسا عن حصولها لامتيازات اقتصادية داخل الإيالة وعلى سواحلها.
وبسـبب الصـراع الذي كان قائما بين فرنسا وبريطانيا عملت هذه الأخيرة على تحريش محمد بن الأحرش الذي اشتهر باسم الشريف في إثارة اضـطرابات داخل الجزائر، بعد أن أقلته سفينة انجليزية إلى عنابة 56، لكنها لـم تـجنح في مسـعاها. وأعلنـت الجزائر الحرب مـرة أخرى ضد الانجلـيز بسـبب حماية عمال جزائريين أراد الحراس إلقاء القبض عليهم لارتكـابهم جريمة قتل لمجموعة من النصارى ونهب سفينتهم التي رماها البحر قرب مرسى بجاية 57.
الاتفاقية بين إيالة الجزائر وفرنسا:
كانت العلاقات الجزائرية الفرنسية قديمة إلى حد كبـير حيـث أرست فرنسا قواعد صداقة قوية وتعاون دائم. وقد ظهر هذا الـتعاون والصـداقة في شكل امتيازات، وقروض، ومعاهدات سلام بين البلدين 58. وقد بدأت هذه العلاقات مع الجزائر بعقد أول معاهدة دفاعية سنة 1270 فـي عهـد فيليب الثالث، وحصلت بموجبها على الامتيازات التي كانت ممنوحة للولايات الإيطالية. وبقيت سارية المفعول لمدة طويلة. ونظرا للعـلاقـات الفرنسية العثمانية بين سليمان القانوني وفرانسوا الأول، استنجد هذا الأخير بالقوات البحرية الجزائرية مرتين 59.
يقـول المؤرخ الفرنسي غارو (GARROT): ”كانت الجزائر تمارس بفضـل قادتها البحريين ضغطا على أوربا كان في صالح فرنسا، خاصة أن ذلـك حـدث في وقت كانت فيه الأمة الفرنسية مهددة من شارلكان وهنري الثامـن بالخطر” 60 يدل هذا القول على أن فرنسا كانت ضعيفة لا تستطيع حتـى الدفـاع عن نفسها من الأخطار الكثيرة المحدقة بها. وبفضل تلك العلاقـات مع الجزائر أنقذ فرانسوا الأول عرشه، وحفظ شعبه من الخراب. وبهذا فقد أعطى غارو الصفة الدولية لإيالة الجزائر.
وأهـم اتفاقية هي تلك المعاهدة الاقتصادية المبرمة يوم 28 يونيو 1796 بين الداي حسن، وحكومة الجمهورية الفرنسية. وذلك بسبب الضائقة المالية، وانتشار المجاعة، وتقضي بمنح فرنسا
قرضا ماليا لتسديد الكميات الكبيرة من القمح التي اشترتها حكومة الثورة الفرنسية من الجزائر 61 .
فهذه الصورة تعكس مدى حاجة فرنسا للجزائر في اجتياز أزمتها الخانقـة التـي عصـفت بها. ثم أقرضتها مبلغ 05 ملايين من الفرنكات الذهبـية، ومـواد غذائية متنوعة، وتجهيزات مختلفة (جلود، صوف، خيول جيدة للجيش الفرنسي).
ويقول غارو: ”أصدر الدريكتوراد” (المجلس الأعلى للثورة) ولجنة التموين لمرسـيليا أمرا إلى القنصل فاليير (VALLIERE) ليتفاوض مع الجزائرييـن على أكبر كمية من الحبوب، بسبب المجاعة التي كانت تعاني منها كثير من المقاطعات” 62. إن المصالح الاقتصادية هي التي جعلت فرنسا تسارع لكسب مودة إيالة الجزائر، والخضوع لشروطها.
الاتفاقية بين إيالة الجزائر وإيطاليا:
كانت إيطاليا تضم عدة دويلات كالجنويين (Gênois) والبيشييـن (Pisans) اللـتان كانتا تـنافسان فيما بينهما على إقامـة علاقـات مع الجزائر، قصد السماح لسفنهما الرسو في موانئ بجاية وعـنابة ومرسى الحجاج ووهران. ثم تحول هذا التنافس إلى التكتل ضد الإيالـة الجزائرية خاصة بعد انضمام البندقية (Venise) وصقلية (Sicile) وجنوب إيطاليا مع نابلي، ولما لم تستطع كذلك الدويلات الإيطالية من إلحاق الهزيمة البحرية بالجزائريين، خضعوا مرغمين على عقد اتفاقيات هدنة وسلام، الأولى عام 1763 بين الداي بابا علي وفردينان الرابع (جمهورية البندقـية)، نصـت في مادتها الأولى على السماح للسفن الإيطالية الإبحار بكـل حرية في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، وتوفير جوازات سفر لهذا الغرض. وجاء في المادة الحادية عشر أنه بموجب توقيع المعاهدة يـتأتى علـى الجزائر إقامة علاقات تجارية مع الصقليين 63. إلا أن الحرب كانت السمة البارزة في العلاقات الإيطالية الجزائرية.
الاتفاقية بين إيالة الجزائر والبرتغال:
كانت البرتغال تكن حقدا لإيالة الجزائر، ولـذا تعددت مناوراتها، ومؤامراتها لتكوين تكتل حربي ضدها، منها الحلف الثلاثـي البرتغالي، البريطاني الإسباني في أفريل 1791 قصد إرغام داي الجزائـر عقد معـاهدة سلم دائمة معه، وقد بلغ عدد المعاهدات أربع. فالمعـاهدة الأولـى عام 1785 بين الداي محمد بن عثمان والملكة ماريا الأولـى 64 ، بوسـاطة بريطانـيا بهدف التفرغ للولايات المتحدة الأمريكية، والتصدي لـتجارتها، ووصفها بارنبي بأنها كارثة ومعاهدة هدنة في 17 سـبتمبر 1793 بيـن الداي حسن والملكة مرايا الأولى. والتزمت بدفع 690337 دولارا لفدية أسراها، و24000 دولارا كضريبة سنوية 65 .
الاتفاقية بين إيالة الجزائر وألمانيا:
سعـت الإمارات الألمـانية إلى كسب مودة إيالة الجزائر وشراء السلام معها لحماية سفنها التجاريـة في البحر الأبيض المتوسط وأهمها هانوفر، وهامبورغ التي عقدت معاهـدة سلم دائمـة مع إيـالة الجزائر في 22 فبراير 1751 في عهد الداي محمد بن بكر 66. علما أن ألمانيا لم تكن موحدة بل كانت مقسمة من الناحية السياسية. ونظـرا للـعداوة التي كـانت بين الدولـة العثمانيـة وروسيـا، فإن إيالـة الجـزائر كانت بالضرورة فـي حرب معها خاصـة في عهد الداي محمد عثمان 67 حيث وقفت الجزائر إلى جانب الدولة العثمانية في حربها ضد روسيا عام 1787.
الاتفاقية بين إيالة الجزائر والدنمارك:
كانت الدانمارك دولة بحرية قوية، وكان لها نشاط بحري كبير في البحر الأبيض المتوسط. وق شكلت القوة البحرية الجزائرية لها عائقا في مـزاولة نشاطها التجاري، فعقدت معاهدة سلم وتجارة يوم 10 مايو 1746 بيـن ملكهـا كريستيان السادس والداي إبراهيم وأرادت استعراض قواتها الـبحرية في محاولة لقهر الجزائريين يوم 01 جويلية 1770 عندما وصل مدينة الجزائر أسطول دانماركي بقيادة الأميرال دي كايس (DEKAAES) وهـدد بقصـفها بالقـنابل، ولكن المدينة صمدت، وتصدى الداي محمد بن عـثمان للمواجـهة 68 ، وقـرر كـايس الانسـحاب. وتعهد الدانمارك بدفع تعويضـات عما ارتكبه كايس، وتزويد النيابة بكمية من المدافع والتموينات الحربية.
وفـي عام 1771 كررت الدانمارك هجوما لقصف مدينة الجزائر، بقـيادة هوغــلاند (HOOGLAND)، فـألحق به الجزائريون هزيمة. واضطر كريستيـان السابع إلى عقد معاهدة سلم وتجارة يوم 16 ماي 1772 مـع إيالـة الجزائـر في عهد الداي محمد بن عثمان والتزم بدفع 50 ألف بارود، و25 حبلا، و8 آلاف قذيفة سنويا. إضافة إلى التزاماتها السابقة لعام 1746 69 .
الاتفاقية بين إيالة الجزائر والسويد:
وتميزت العلاقات الجزائرية السويدية بالصداقة والسلم، وكان لها حـظوة لدى كل الحكام الذين تعاقبوا على ديوان إيالة الجزائر. وبلغ عدد المعاهدات بين الجزائر والسويد اثنتان.
الأولى يوم 05 أفريل 1729 بين محمد كور عبدي والملك السويدي فريدريك الأول، وتحتوي على 22 مادة والثانية هي معاهدة سلم وتجارة يوم 25 مايو 1795 بين الداي حسن والملك غوستان أدولف الرابع 70 والتزمت بتزويد الجزائر 800 برميل بارود، و800 بـندقـية، و6000 قنبلة، و50 صـارية و8 كابلات و40 مدفعا، ابتداء من 1773. وقد لعبت السويد نشاطا سياسـيا واسـعا من خلال توسطها لدى الولايات المتحدة الأمريكية لإنجاح المفاوضات وعقد معاهدة سلم وصداقة- كما سيأتي.
الاتفاقية بين إيالة الجزائر وهولندا:
كانـت هولندا دولة بحرية قوية، وبعد سنة 1609 جاء الهولنديون عـبر مضـيق جـبل طارق للتجارة مع إسبانيا، وعقدت مع إيالة الجزائر معاهدة سلم وتجارة سنة 1652 في عهد الداي محمد العالم، وجان دي فيت (Jean de Witt)، ثم تلتها معاهدات أخرى، بلغ عددها 11 معاهدة 71 .
والتزمـت هولندا منذ 1749 بتزويد إيالة الجزائر بالأخشاب، والأشرعة والصواري ومادة البارود والقذائف 72 والقنابل والحبال والكابلات الحديدية وغيرها 73 .
والواقـع أن كـل الـدول الأوربـية التزمت بنفس ما تدفعه هولندا خضـوعا واعـترافا بقوة الـبحرية الجزائرية في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط ويذكر سعد الله فـي كتابه أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر ما كان يصل للخزينة الجزائرية سنويا من الدول الأوروبية. فرنسا 70000 دولار نابولـي 24000 دولار السويد 24000 دولار الدانمارك 24000 دولار البرتغال 24000 دولار 74 . وكانت تدفع هذه المبالغ من الدول الأوربية لإيالة الجزائر استرضاء للداي بهدف حماية سفنها التجارية من الأسر.
واستنتجنا إلى أن تلك الضرائب هي مفتاح العلاقات الجزائرية الأوربـية. وكانـت أوربـا تدفع الجزية لإيالة الجزائر، لأنها لم تستطع أن تشكـل تكتل جماعي بهدف الوقوف ضد البحرية الحربية الجزائرية. فكانت الضـريبة المدفوعة بمثابة حماية فردية، وامتيازا للدول الأوربية الصغيرة التي تعتمد في حياتها الاقتصادية على التجارية السلمية. وفي مقابل ذلك كان الـبحارة الجزائريون يمتنعون من مهاجمة سفن أو موانئ الدول التي تدفع الأتـاوة بانتظام. كما أن التزام الدول الأوربية بدفع الضريبة وتقديم الهدايا السـنوية لإيالة الجزائر يدل دلالة واضحة على المكانة السياسية التي كانت تتميز بها في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط
خاتمة:
يعد البحر الأبيض المتوسط من البحار الهامة التي كان الساحة الرئيسة في المد والجزر بين الامبراطوريات في الضفتين الشمالية والجنوبية له في رسم العلاقات التجارية والسياسية بينهم. وتكن الأتراك من بسط نفوذهم على البحر المتوسط وحماية العالم العربي من الهجمات الأوربية التي كانت تتكرر عليهم ، الأمر الذي جعل الإمبراطريات تتسارع في كسب ودهم وعقد اتفاقيات صداقة وسلام تم بمقتضاها السماح لسفنهم المرور بكل حرية في البحر المتوسط إلى حين تلاشي قوة الأتراك بسبب الصراعات الداخلية. نتج عنه بروز الظاهرة الاستعمارية كشكل جديد للعالم العربي.
المصادر والمراجع:
1- العثماني، س، 5، مايو 1995، ، خطاب الرئيس البرتغالي ماريو شواريس، مجلة مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية ، العدد 12
2- ألتر، س، 1989، الأتراك العثمانيون في أفريقيا الشمالية، ترجمة محمود علي عامر، ، بيروت، دار النهضة العربية ، الطبعة الأولى.
3- رزق، ل، 1981، محاضرات في تاريخ أوروبا في القرن الثامن عشر، فاس. كلية الآداب، جامعة سيد محمد بن عبد الله،
– 4Nevis, A- Steele H, 1989 .Histoire des Etats-Unis, , paris, Economica..
5- أنيس، م، الدولة العثمانية والشرق العربي،.
6- ستودارت، ل، 1972،حاضر العالم الإسلام، تعريب عجاج نويهض، ، بيروت، دار الفكر ، الطبعة الرابعة.
– 7LAMOUCHE, (colonel), 1953 , paris ,Histoire de la Turquie, Payot.
– PETERS, R, 1966,Histoire des Turcs de l’empire à la démocratie, traduit de l’Allemand par Lucien Piau, paris, Payot, ,
– CLOT, A, 1983,Soliman le magnifique, , paris Fayard.
– ROUX, J, 1984,Histoire des Turcs, paris, Fayard.
8- السيد، س, م، 1996 ،دراسات في التاريخ العثماني ،القاهرة ، دار الصحوة للنشر والتوزيع، ، ط1..
9- شاكر ،م، 1991، التاريخ الإسلامي، العهد العثماني، ، بيروت ،المكتب الإسلامي ج8، ، طII .
10- العقاد،ص، 1993 ،المغرب العربي في التاريخ والحديث والمعاصر،، مصر ،مكتبة الأنجلومصرية ، ، الطبعة السادسة.
– RAYMOND, A, 1989,Histoire de l’empire Ottoman, les provinces des Arabes XVIe-XVIIe. Lille Lib. Arthème Fayard.
– يحي، ج، 1960 ،السياسة الفرنسية في الجزائر، القاهرة، دار المعرفة.
11- سعيدوني، ن،1984،الجزائر في التاريخ، الجزء الرابع، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب.
– قدورة، (زاهية)، 1975،تاريخ العرب الحديث، بيروت، دار النهضة العربية.
12- المدني، أ،ت، 1984، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا 1492- 1492، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، الطبعة الثالثة.
13- عبد القادر، ن، 1965 ،صفحات في تاريخ مدينة الجزائر من أقدم عصورها على انتهاء العهد التركي، قسنطينة، مطبعة البعث.
14- حرب، م، 1996.آليات اتخاذ القرار في الدولة ضمن إطار تاريخ الفكر العثماني، مجلة آفاق للثقافة والتراث، الجزائر ، العدد 12.
15- شاكر، م، التاريخ الإسلامي، الجزء الثامن.
– LAMOUCHE, (Colonel), Histoire de la Turquie, Op.cit.
16- نوار، ع، 1998،تاريخ الشعوب الإسلامية في العصر الحديث، القاهرة، دار الفكر العربي.
17- فريدبك، م، 1983،تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق إحسان حقي، بيروت دار النفائس ، الطبعة الثانية.
18- أنيس، م، 1968،الدولة العثمانية والشرق العربي، القاهرة، مكتبة الأنجلو مصرية.
19- يحي، ج، 1966، العالم العربي الحديث، مصر، دار المعارف.
20- فريد بك، م، تاريخ الدولة العلية.
21- بروكلمان، ك، 1981، تاريخ الشعوب الإسلامية، ترجمة أمين فارس ومنير البعلبكي، بيروت، دار الملايين، الطبعة التاسعة.
22- أنيس، م، الدولة العثمانية والشرق العربي، المرجع السابق.
23- فريديك، م، 1983، تاريخ الدولة العلية، تحقيق إحسان حقي، بيروت، دار النفائس، طII.
24- أندرسون، م، 1977، تاريخ القرن الثامن عشر في أوروبا، تعريب نور الدين حاطوم، بيروت،دار الفكر، الطبعة الأولى.
– 25Peters, R. F, 1966, Histoire des Turcs de l’empire à la démocratie, paris Payot, .
26- السيد س ،م، دراسات في التاريخ العثماني، المرجع السابق.
– LAMOUCHE, (Colonel), Histoire de la Turquie, op.cit.
– معاهدة قينا رجيه (Kainarja) بين روسيا والدولة العثمانية، عدد موادها 28 مادة.
27- فريد بك، م، تاريخ الدولة العلية، المصدر السابق.
28- فريد بك، م، تاريخ الدولة العلية، المصدر السابق .
– السيد (س،م، دراسات في التاريخ العثماني، المرجع السابق.
– PETERS, R, F, Hist. des Turcs, Op.cit.
29- السيد، س، دراسات في التاريخ العثماني، المرجع السابق.
30- مؤنس،ح، الشرق الإسلامي في العصر الحديث، المرجع السابق.
31- مؤنس، (حسين)، الشرق الإسلامي في العصر الحديث، المرجع السابق.
32- أندرسون، (ماتيو)، تاريخ القرن 18 في أوروبا، المرجع السابق.
33- نوار، ع، 1973،تاريخ العرب المعاصر مصر والعراق، بيروت، دار النهضة العربية.
34- أندرسون، م، تاريخ القرن 18 في أوروبا، المرجع الساب.
35- ستودارد، ل، 1972، حاضر العالم الإسلامي، تعريب. عجاج نويهض، المجلد الثاني، بيروت، دار الفكر، ط4.
36- شاكر، (محمود)، العهد العثماني، المرجع السابق.
37- خالدي، (م، فروخ، ع، 1973،التبشير والاستعمار في البلاد العربية، المكتبة العصرية، بيروت، ط. الخامسة.
ستوارد، (لوثروب)، حاضر العالم الإسلامي، المصدر السابق، ص. 249.
حمدان، (جمال)، إستراتيجية الاستعمار والتحرير، دار الشروق، بيروت، ط الأولى، 1983، ص ص. 103- 104.
حاطوم، (نور الدين)، تاريخ القرن الثامن عشر في أوربا، دار الفكر، دمشق، ط. الأولى، 1977، ص. 311.
– أندرسون (ماتيو)، تاريخ القرن الثامن عشر، تعريب نور الدين حاطوم، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، 1977، ص. 319.
38 حماش، (خليفة)، الجزائر والحرب اليونانية العثمانية 1821- 1827، المجلة التاريخية المغربية، أوت 1992، تونس، العدد 65- 66، ص ص. 175- 185.
39- بوعزيز، (يحي)، علاقات الجزائر الخارجية مع دول وممالك أوروبا 1500- 1830، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1980، ص ص. 20- 21.
40- توفيق المدني، (أحمد)، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا 1492- 1792، المرجع السابق، ص. 81.
41- وولف، (جون، ب)، الجزائر وأوروبا، ترجمة أبو القاسم سعد الله، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986، ص ص. 278- 279.
42- وولف، (جون، ب)، الجزائر وأوروبا، ترجمة أبو القاسم سعد الله، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986، ص. 280.
43- مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار، تحقيق أحمد توفيق المدني، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1980، ص ص. 25- 33.
– Julien (Ch.A), Histoire de l’Afrique du Nord de la conquête Arabe à 1830, Payot, paris, 1966, pp. 252- 255.
44 دفيز، (ميشيل)، أوروبا والعالم في نهاية القرن 18 م، ترجمة إلياس مرقص، جI، دار الحقيقة، بيروت، طI، 1980، ص. 240
= مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار، تحقيق أحمد توفيق المدني، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1980، ص ص. 25- 33.
45- وولف، جون. ب، الجزائر وأوروبا، المصدر السابق، ص. 400.
– 46BELHAMISSI, (Moulay), Marins et Marines d’Alger à l’époque Ottomane 1518- 1830, Thèse d’état, 1986, Tome I, p. 38.
47- وولف، جون. ب، المصدر السابق، ص. 428.
48- الجيلالي، (عبد الرحمن بن محمد)، تاريخ الجزائر العام، جIII، دار الثقافة، بيروت، الطبعة الرابعة، 1980، ص 159.
De Grammont, (H-D), «Histoire d’Alger sous la domination Turque 1515- 1830», Ernest Leroux. Paris, 1887, p. 322.
– 49SHAW, (docteur), L’Algérie un siècle avant l’occupation Française au 18 siècle, Edition Imprimerie de Carthage, Paris, 1968, p. 120
– 50SHAW, (docteur), L’Algérie un siècle avant l’occupation Française au 18 siècle, Op.cit., p. 121.
51- المدني، (توفيق أحمد)، محمد عثمان باشا، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، الطبعة الثانية، الجزائر، 1986، ص ص. 175- 178.
– 52Venture (De Paradis), Tunis et Alger au VXIII siècle, Librairie Sindbad, paris, 1983, p. 239.
53- توفيق المدني، (أحمد)،محمد بن عثمان باشا، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، طII، الجزائر، 1986، ص ص. 175- 177.
54 – توفيق المدني، (أحمد)، محمد عثمان باشا، المصدر السابق، ص 178.
– 55Venture (De Paradis), Tunis et Alger au VXIII siècle, Op.cit., p. 239.
56 – مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار، تحقيق أحمد توفيق المدني، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، الطبعة الثانية، 1980، ص ص. 151- 152.
57 – سعد الله، أبو القاسم، ”أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر”، الشركة الوطنية لنشر والتوزيع، الجزائر، 1981، جI، ص. 25.
– 58Henri (Garrot), «Histoire générale de l’Algérie», imprimerie P. Grescenzo, Alger, 1910, p. 403.
– 59 Ibid., p. 404.
60 – بلقاسم، (مولود قاسم نايت)، شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل 1830، دار البعث، قسنطينة، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، 1985، ص. 135.
– 61 HENRI (Garrot), «Histoire générale de l’Algérie», op.cit., p. 598.
– 62Venture (De Paradis), Tunis et Alger au VXIII siècle, Op.cit., p. 238.
– 63SHAW, (Le docteur), L’Algérie un siècle avant l’occupation Française au 18 siècle, Ibid., p. 120.
64 – بلقاسم، (مولود قاسم نايت)، شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل 1830، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، دار البعث، قسنطينة، 1985، ص ص. 91- 93.
65 – المرجع نفسه، ص ص. 93- 94.
– 66DE GRAMMONT, (H-D), «Histoire d’Alger sous la domination Turque 1515- 1830», Ernest Leroux, paris, 1887, p. 333.
67 – بلقاسم، (مولود قاسم نايت)، شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل 1830، الجزء الثاني، المرجع السابق، ص. 102.
68 – بوعزيز، (يحي)، علاقات الجزائر الخارجية مع دول ومماليك أوربا 1500- 1830، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1980، ص. 101.
– 69 DE GRAMMONT, (H-D), «Histoire d’Alger sous la domination Turque 1515- 1830», Ernest Leroux, paris, 1887, p. 304.
70 – بلقاسم، (مولود قاسم نايت)، شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل 1830/ الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار البعث، قسنطينة، 1985، ص.ص. 118- 125.
– 71DE GRAMMONT, (H-D), «Histoire d’Alger sous la domination Turque 1515- 1830»,Op.cit., p. 247.
– 72VENTURE (De Paradis), Tunis et Alger au XVIII siècle, Op.cit., p. 237.
DE GRAMMONT, (H-D), «Histoire d’Alger sous la domination Turque 1515- 1830», Ibid. p. 250.
73 – سعد الله، أبو القاسم، ”أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر”، القسم الأول، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1981، ص 254.
74 – VENTURE De Paradis, Tunis et Alger au XVIIIe siècle, Edition Sindbad, paris, 1983, pp. 237- 238.