الرئيسية / فضاءات / هل قدر للمبدع الموريتاني أن لايذكر في بلده الا بعد رحيله؟/المرابط ولد محمد لخديم

هل قدر للمبدع الموريتاني أن لايذكر في بلده الا بعد رحيله؟/المرابط ولد محمد لخديم

     كتب الدكتور الشيخ معاذ سيدي عبد الله :
(كنتُ دائما أتساءل : لماذا لا نذكر محاسن الناس وإنجازاتهم، ولا نشيد بعبقريتهم وأخلاقهم إلا عندما يغادرون الحياة؟..
لماذا لا نكرمهم ولا نحتفي بهم ولا نذكر مناقبهم إلا بعد موتهم؟..
من المستفيد من كل هذا؟ طبعا ليس الميت ..
لماذا نبخل عليه في حياته أن نقول له : أنت عظيم، أنت مبدع، أنت مثال في مكارم الأخلاق؟..
طبعا هذه كلمات ستسعده في حياته فلماذا نحرمه منها وننتظر حتى يغادر عالمنا لنبدأ في كيل المديح له وأحيانا نغالي في ذلك..

شخصيا أرى أن ظاهرة الغبط (حتى لا أقول الحسد) ظاهرة منتشرة في المجتمع العربي من شرقه إلى غربه وهي ليست جديدة، وقد عبرت عنها أدبيات الثقافة العربية بجمل لافتة :
– القرب حجاب
– زامر الحي لا يطرب
– المعاصرة تمنع المناصرة..
أليست هذه الأقوال معبرة عن أحد أمراض القلوب ؟…
مرة صادفني قول للجاحظ لخّص معضلة (النفس العربية) تلخيصا دقيقا، فقد قال ما معناه :
( كان بعض مؤلفي الكتب إذا أراد لكتابه أن يشيع ويشتهر ، ينسبه لميتٍ، فينفد الكتاب بسرعة وتزدهر سوق نساخه)..
إن هذه النفس لا تطيق نجاحا لمن يعايشها، ظنا منها أنه منافس لها في الرزق والسمعة..
أما إذا مات فلا بأس من الثناء عليه والبكاء المدرار على رحيله .. ونسبة كل المحاسن له ..
إنها للأسف ظاهرة لا تنكرها عين ولا أذن حتى في مجتمعنا الموريتاني….)

تناولت هذه الظاهرة الخطيرة في تدوينات ومقالات…
للأسف هذا هو واقع عالمنا العربي عامة وموريتاتيا وقد لاحظت هذا عند ما رحل عنا عالم الرياضيات لبروفيسور يحي ولد حامد وقد عاش في ترحال بين فرنسا وموريتانيا على حسابه الخاص كما قال لي.
بدون ذكر له أو الاستفادة منه!!
من بين المقالات التي كتبتها عن الموضوع : هل قدر للباحث الموريتاني أن لايذكر في بلده الا بعد رحيله؟!
واضاءات على مقال الدكتور محمد عالى ولد سيد محمد الموسوم ب: أربع وقفات مع المرحوم الأستاذ يحيى ولد حامد:
https://rimnow.net/w/?q=node/13141

زيادة على الوقفات التي ذكرها الدكتور محمد عالي ولد سيد محمد عن المرحوم لبروفيسور يحي ولد حامدون في مقاله السابق كانت له معي وقفات تذكر فتشكر…

  ولكن قبل الدخول في التفاصيل لابد من شهادة مستحقة في حق صاحب المقال فهو المؤسس لمجلس جائزة شنقيط مع رئيسه العلامة محمد المختار ولد اباه.

تقدم لها في نسختها الاولى سنة 2001م عشرات المترشحين وهاهي اليوم سنة 2020م تكسر حاجز 3000 عملا ولاشك انه الان هو ورئيسه الاستاذ الدكتور محمد المختار ولد اباه يشعران بالغبطة والسرور لما قدماه للامة من عناوين نوعية بلغت الالاف في حين كانت معدومة قبلهما…!!

مازال الرجل يكتب بدقة عن تلك المرحلة التي انشأها رغم الوظائف السامية التي تقلدها بعد ذالك..!!

في زمنه كان الذي ينال الجائزة يشعر بقيمتها المعنوية فيلتقي برئيس الجمهورية ويكرمه المجلس بحفل خاص غير حفلها التقليدي السنوي مع الضيوف والشخصيات العلمية الوطنية والعالمية…

بعودة مبرمحة الى الموضوع وبعد رحيل المغفور له باذن الله لبروفيسور يحي ولد حامد كتبت مقالا بعنوان: هل قدر للباحث الموريتاني ان لايذكر في بلده الابعد رحيله؟!

حاولت ان افصل فيه طموح الرجل وحبه لوطنه حتى انه كان ينفق من حسابه الخاص في ترحاله العلمي ..

كان يشعر بمضايقته في وطنه فعندما اجرينا مقابلة باسم الجمعية الوطنية للتأليف والنشر التي كنت ارأسها في الاذاعة الوطنية تفاجئنا بحضور كبير لموظفي االاذاعة بشكل غير مسبوق كان هذا سنة 2007م.
اثناء الحوار قال لنا لبروفيسور ان ثانوية الامتياز قيد الدراسة يمكن لخرجيها ان يحصلوا على جائزة نوبل للعلوم. ان هو اشرف عليها!!
اهتم كثيرا بالاصدارات الوطنية الجديدة خاصة العلمية منها حيث كان يشجعني أثناء تأليفي لكتاب: دين الفطرة استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية.. وعندما استدعيته لمقابلة في قناة الجزيرة مباشر القطرية حول كتابي استجاب بسرعة رغم المشاغل وضيق الوقت..
في موقف آخر عندما شكلنا مرصدا وطنيا يدعى المرصد الموريتاني للعلوم.الهدف منه احياءالمنهج الشنقيطي القديم وضخ دماء جديدة فيه وتطويره بما يلاءم روح العصر و يثمن جهود السلف.. ويسد الفراغ الناجم عن عدم وجود أكاديميات علمية ومعاهد للدراسات الإستراتجية…
عمل معي على هذا المشروع حيث شكلنا مكتبا تنفيذيا من الحاصلين على جائزة شنقيط ضم الشخصيات التالبة:
أحمد ولد عبد القادر رئيسا.
نائب الرئيس الأول : لبروفسور يحي ولد حامد رحمه الله.
نائب الرئيس الثاني : المرابط ولد محمد لخديم
الأمين العام : الدكتور : الخليل ولد المهدي ولد أجيد
المسئول المالي : الدكتور سيد ولد أحمتي
أعضاء المكتب:
لبروفسور : سيد أحمد ولد مكيه
الدكتور : محمد لمين ولد مولاي إبراهيم
الدكتور : محمد أحمد ولد سيد أحمد رحمه الله
الأستاذ : محمد ولد أحظانا
الأستاذ : الأمانة ولد إبراهيم
ولا شك أن اقتراح مشروع إنشاء أكاديمية علمية بمنهجية حديثة هدفها تدريب الأجيال على الفكر المتجدد سينعكس إيجابا على المجتمع من الناحية الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية والثقافية، و يجعله ملما بمعطيات العصر ، مدركا للإمكانيات المتاحة للإصلاح والتطوير، خبيرا بأمراضه ،عالما بسبل علاجه، وإذهاب أدوائه..
هذا قليل من كثير حاولت به ان اتذكر المرحوم!! فكما قال الدكتور محمد عالي: (لا يا محمد ناجي ليس الخبر عابرا… لا… كان النبأ صدمة…!!).
ترك الراحل مايزيد على 605 بحثا في الرياضيات وعلومها…
للمركز الفرنسي الذي كان يعمل فيه وقد قال لي انه كان ينفق عشرات الملايين من حسابه الخاص في الذهاب إلى موريتانيا والعودة إلى مكان عمله بفرنسا…!!
والأخطر آن هذا العبقري وأمثاله لم يحصلوا إلا على نظرة الشفقة من الآخرين على العمر الضائع و الصحة المفقودة !!
مالم يقله الامين العام السابق لجائزة شنقيط الدكتور محمد عالي ان الاجتماعات الشاقة التي كان يحضر لها المرحوم مع معاوني وزير التهذيب الوطني لتدارس مشروع ثانوية الامتياز لم تكن موفقة حتى انه في آخر تلك الاجتماعات انتقل تفكيرهم من انشاء المؤسسة الى الحديث عن شراء سيارات رباعية الدفع من نوع هيلكس.Hilux…?!
وهذا ماجعله يصاب بالاحباط وينسحب من المشروع!!
استفادت فرنسا من خبرات الرجل وترك لها ثروة لاتقدر بثمن ورحل بعد ان وضع بصمته على آخر ماتوصلت اليه الرياضيات حول النظرية الجمعية للأعداد.
عانى من التهميش في بلده مثل غيره من العباقرة الذين مازالوا يعانون الى يوم الناس هذا وقد كتبت مقالا حول هذا الوضع المأساوي بعنوان: عباقرة موريتانيا يعيشون الاهمال قبل الدفن في التراب!!
https://rimnow.net/w/?q=node/12058
    لقَد أسمَعتَ لَو نادَيتَ حَيّاً @ولكن لا حَياةَ لِمَن تُنادي
   رحم الله فقيد الاسرة العلمية والاكاديمية وادخله فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.
قَد مَاتَ قَومٌ وَمَا مَاتَت فَضَائِلُهُم
             وعَاشَ قَومٌ وَهُم فِي النَّاسِ أَموَاتُ.
    ارجوا ان تتغير هذه النظرة وان نذكر محاسن الناس وإنجازاتهم، ونشيد بعبقريتهم ونستفيد منها قبل ان يرحلوا عنا!!

شاهد أيضاً

مابين الاسلام والرئيس الفرنسي ماكرون!!/المرابط ولد محمد لخديم

      في يوم الجمعة الموافق 2 أكتوبر 2020م قال الرئيس الفرنسي ماكرون: أن …

اترك رد