المولد والنشأة:
في مجتمع لايهتم كثيرا بالتوثيق ويعتمد غالبا على الذاكرة يصعب الوصول إلى تاريخ الوقائع والأحداث بدقة… ويبقى مصدر التواريخ هو الاستعمار…
إلا أن حادثة سقوط الدار على والد الأمير أحمد بن سيد أحمد العيده في عام 1317 هـ – 1899 م يكاد يجمع عليها الجميع ومن هذه الحادثة المشهورة فان عمر الأمير آنذاك تسع سنوات….أي أنه ولد سنة 1306هـ – 1889م.
تربى الأمير الشاب عند الشيخ ماء العينين ولاشك أنه تربى على أدبيات الجهاد.
في 1904م تأتي جماعة من أولاد غيلان إلى الشيخ ماء العينين لتصطحب الأمير الفتي وبنصيحة من الشيخ تم تنصيبه أميرا على آدرار…
تولى سيد أحمد الإمارة وعمره خمسة عشر عاما في فترة تمر فيها إمارة آدرار بحالة من الفوضى وعدم الاستقرار… فأنشأ تحالفات قوية داخل الإمارة وارتفع شأنه وأحبه أهل آدرار…
الأمير المجاهد:
كان للأمير جولات وصولات ضد الاستعمار الفرنسي حسب الوقائع التالية:
_ في 18يونيو 1905 م قاد المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في معاركة : تجگجة حيث تكبدت القوات الفرنسية عدة قتلى…
_ 1909م في آمساگ وأماطيل وحمدون واكصير الطرشان وآزويكة ووادان …
إلى جانب قتاله في جيوش كبيرة جنبا إلى جنب مع المقاومين ضد الحملة الفرنسية التي قادها العقيد گورو والتي انتهت بدخول الفرنسيين أطار في 9 يناير 1909 م.
بعد احتلال آدرار انتقل إلى الحوض وظل يشن حرب عصابات خاطفة تستهدف الحاميات العسكرية، وتضرب طرق تموين المراكز الفرنسية…
_ 21 يناير 1912 م جُرح الأمير سيدي أحمد في معركة تيشيت الضارية ضد الفرنسيين بقيادة الحاكم العقيد (باتي) وأخذ سيدي أحمد أسيرا إلى سان لويس “اندر”. واستشهد في الوقعة سيدي أحمد بن إبراهيم بن مگية السلموني..
الأمير الأديب:
كان شاعرا باللهجة الحسانية جميل الشعر جيد السبك وعندما جرح في المعركة وتم نقله إلى مستشفى سان لوي ” اندر ” لَبِّطانْ ” كان يأكل وحده وهو الأمير الذي لم يتعود أن يأكل وحده فقال:
مـارتْ عنْـدِ :: عنِّي مگْبـوظْ
نوْكَـلْ وَحْـدِ :: كيفْ أَمَگروظْ
وعند عبوره رفقة الترجمان الأديب محمدن ولد ابن المقداد قنطرة ” صالة ” أهل محمد لحبيب من ” اندر لبيظ” متجهين إلى ” آگْمَيْنِي ” فيرى الأمير دخلة ذات نخيل فيظنها وادا فتشوقه وتذكره الأهل فينشئ :
اتشايير انخل هذا الواد ..
فيقول ولد ابن المقداد : سيد أحمد هاذِ دخله ماهُ واد
فيقول الأمير بسرعة بديهة :
.. .. .. .. = ولَّ زاد الدخلَ لعادْ
ماهُ واد إزيدْ التفكاد=يسوَ گد إل واقع فيه
ء هاذ لرياح ال تتراد =زاد اعليه من إل اغليه
غيراصّ فم ابلد معهود =ماهُ ذ لبلد عالم بيه
إيلَ ما كره فيه اعود = ماهُ لاهِ بعد إغليه.
وفي طريق العودة إلى آدرار يقول الأمير عندما مر على موقع(ايدماتن)
الحمد لله ال أبعاد = أندر أو زين أديار
وأفرق لمحار أوعاد زاد = يور مب بحجار
ونكتفي بهذا القدر من شعر الأمير فاسحبن المجال لأهل الاختصاص…
عودة الأمير الى الامارة:
في أكتوبر 1913 م وبرغبة من أهل آدرار أعاد الفرنسيون سيدي أحمد إلى الإمارة مع إرجاع لقب الأمير إليه ووقعوا معه اتفاقية أعطوه بموجبها صلاحيات واسعة… وخصصوا له ميزانية إدارية تقدر بعشرة أطنان من التمر ومنحوه حق اكتتاب رجال الأمن وتنصيب القضاة،
وفي سنة 1918 م اتهم الفرنسيون الأمير بإقامة صلات مع المقاومة في الشمال فاستدعوه إلى اندر وفرضوا عليه إقامة جبرية استمرت سنتين…
وعندما عاد إلى آدرار سنة 1920 م وجد أن الوضع قد تغير ولاحظ أن صلاحياته السابقة لم يبق لها أثر حيث ظهرت شخصيات سياسية جديدة فاستأنف المقاومة…
في مطلع 1932م ابتعد بحلتة نحو سهول أمقطير لتتابع سيرها شمالا فيما يعرف
بـ ” الهجرة “
في 7مارس سنة 1932م أرسلت الإدارة الاستعمارية فرقة برئاسة الملازم أول “موسات” لإرجاع الحلة. عند وصوله إلى الحلة اخبر الضابط الأمير بأن حاكم دائرة آدرار يريد منه الحضور فورا الأمر مهم).
في تلك الليلة استطاع الأمير أن يضيف إلى صفوفه الرقيب أول الشيخ الكوري ولد المشظوفي والتخلص من الضابط الفرنسي وكان له ذالك…
_ 14مارس 1932م احتال الأمير سيدي أحمد وزملاؤه في اغتيال الضابط الفرنسي حيث جلس بقربه محمد بن اخطور العمني ينظف سلاحه وصاح حمدي بن الأگرع بالأمير قائلا:
“أيها الأمير أرسل أحدا يحضر لنا كبشا نذبحه” فأجابه الأمير “لقد آن الأوان” فكان في ذلك إشارة البدء بالهجوم على الفرنسيين، فسدد ابن اخطور سلاحه نحو الملازم وأصابه، وحمل عليه الأمير فأنهاه. وتابعت الحلة سيرها شمالا.
في صبيحة 19مارس 1932م جهزت السلطات الفرنسية كتبية بقيادة لكوك فلحقت بالأمير عند الگلب الأخضر قرب وديان الخروب وفي معركة غير متكافئة استشهد الأمير مقبلا غير مدبر مع بعض من زملائه وهم:
سيدي أحمد بن الشيخ ولد عثمان, وحمدي ولد لكرع, ومحمد البشير ولد اعل فال, وبوبالي بن احمد لعبيد, ومحمد بن الزيعر, وفره بن أحمد لعبيد,(أعبيد أهل عثمان),والشيخ بن أحبيب لبحيحي.
أما الجرحى فهم:
محمد أحمد ولد أخطور, المخطار ولد لقرع , الشيخ الكوري ولد المشظوفي وأخوه محمد سالم (أولادعمني).
والدة الأمير المجاهدة:
في حادثة غير مسبوقة لم نسمع عنها إلا في المجتمعات المتوحشة يأمر الضابط الفرنسي لكوك بقطع رأس الأمير الشهيد وحمله إلى والدته عيشة بنت أعلي بن أحمد (اللبية)
وقال لها: هل تعرفين هذا؟ فقالت برباطة جأش مربية المجاهدين نعم: أعرفه بكل فخر هو الشهم الذي أباد جنودكم وأذاقكم طعم الفجائع ومرارة الهزائم يوم: تجكجة وفي معارك اينشيري وآدرار …واليوم قتلتموه مقبلا غير مدبر ..لم يفر أبدا في كل المعارك التي خاضها ضدكم ..واليوم فاز بالشهادة فاحمد الله على ذالك).
قالت ذالك بكل هدوء مماجعل الضابط يتغير وجهه وذالك بقوله: ما أصلب عود هذه المرأة انها لم تهزم).
من تيرس موريتانيا إلى دمشق الشام:
من وديان الخروب في تيرس موريتانيا إلى دمشق الشام وهناك يحل العقيد كرو وبدافع الحقد الذي قطع به ضابطه النقيب لكوك رأس الأمير الشهيد سيد أحمد نراه هو أيضا يطأ بحذائه قبر صلاح الدين ويقول له: (لقد عدنا ياصلاح) ..وإذا كانت والدة الأمير قد جاوبت ضابطه ومسئوله على مستوى آدرار (النقيب لكوك) فان التاريخ قد تولى الرد الصادم على العقيد كورو..‼
والقاسم المشترك بين القائدين هو أن صلاح الدين الأيوبي مرق أنوف الصليبين مجتمعين أما الأمير سيد أحمد فقد مرق أنوف الفرنسيين في موريتانيا.
رحم الله الأمير المجاهد الأديب وكل المقاومين.
هذه نبذة في عجالة عن رجل ظلمه التاريخ ولم نجد له ذكرا إلا في مناسبات قليلة..؟!
#بالعربية_تكتمل_سيادتنا