طريق الحق: مدخل علمي الى الايمان(3)/ المرابط ولد محمد لخديم

ويشرح لنا المؤلف عدم تأثر المرأة الموريتانية بالطلاق وذالك بقوله:
إذا كانت المرأة تشترط لنفسها إمتلاك قرار الإنفصال لمجرد تجاوز من الرجل فإنها لا تتأثر كثيرا بالطلاق، ويعتبر ارتفاع مكانة المطلقة الموريتانية نسبيا وإمكانية زواجها ظاهرة صنهاجية قديمة تعود إلى العهد الأمومي وينفرد بها مجتمع البيظان عن غيره من الشعوب العربية.(4)
كما يمتاز المجتمع الموريتاني بنظامه الاجتماعي التكاملي الفريد من نوعه هو أيضا ويدافع عنه بكل عزم وقوة لكونه يجسد في نظره روح الشرف وقد اخترع ضمانات أخلاقية واجتماعية معينة..فما هو هذا النظام؟
إن قاعدة هذا النظام هي الأسرة أو القبيلة التي تمتد إلى الإخوة والأخوات وأولاد العم وأولادهم وشيخ القبيلة والوجهاء، وقد نشطت المهارات الإبداعية في هذا المجال فتواضعت على ضمانات أخلاقية واجتماعية للحيلولة دون تلاشي هذه العادات، فمثلا أبن فلان، ومن قبيلة كذا… وعبارات (وخْيرت، و ورْخست) وقد تطورت هذه العلاقات حتى اتخذت شكل جمعيات قائمة على أساس جد واحد.
ونتيجة لوجود هذه العلاقات المتشابكة، لا يعرف الموريتاني العزلة ولا يعدم من يشاركه الأفراح والأتراح، فكما يقال “الخيمة خيمتك” وهذا غير موجود في المجتمعات الأخرى، ولعل كلمة (وخْيرت) لما تبعثه في شخصية الشنقيطي أو الموريتاني هي الدافع الأساسي الذي حمل المجتمع على عدم التنكر لهذه العادات، وفضلا عن هذا يجب على كل فرد من الذين تربط بينهم هذه العلاقات أن يمد يد المساعدة للآخرين وإذا لم يتقدم إليهم لتأدية واجبه أتوه لأخذ حقوقهم.
وهذا ما يفسر وجود عدد كبير من الناس في بيت كل موسر من سكان المدن الموريتانية، وقد يصل الأمر إلى حد تضرر الشخص ماديا وأدبيا بسبب التكاليف الباهظة التي يجرها عليه تواجد هؤلاء حوله.
ومع ذلك تأبى عليه تلك الروابط أن يبدر منه أدنى تبرم، لأن ذلك يعتبر ضعفا في المروءة وروح الشرف (أمحيلي )، إن روح الشرف المرتبط بقيم البطولة والإباء والحكمة هي الدافع إلى التضحية لصالح المجتمع والباعثة على التنافس ا لخلاق بين الأنداد (أتفاييش) ،وهذا الأخير أخذ في وقتنا الراهن شكلا سلبيا بحيث إذا اجتمعت جماعة من الناس من طبقة اجتماعية واحدة في السعي لتحقيق غاية واستطاع أحدهم أن ينالها، فإن الأفراد الآخرين سوف يستسهلون الصعب حتى يفعلوا مثله، وهذا لا ينسينا الجانب السلبي للتصرف النابع من هذه الروح، ذلك الجانب المتمثل في عناية مفرطة بالمظهر، إن فكرة ضرورة الظهور بمظهر الند أو المثل (أتفاييش) جعل كثير من الناس يعيشون فوق طاقتهم. وعلى سبيل المثال:
إذا تزوج شخص ما وأنفق مليون أوقية، أصبح لزاما عليّ أن أحاول بكل الوسائل الاقتداء به، ولو كان وضعي المادي يختلف اختلافا كليا عن وضعه، الأمر الذي يرغمني على سلوك طرق ملتوية للحصول على المال.. والمثال يتكرر في السيارة الفاخرة، والمنازل وجميع المظاهر الكمالية…ورغم أن هذه الضمانات الأخلاقية والاجتماعية ابتعدت عن معناها الأصلي الذي ظهرت من أجله فان العرف الموريتاني مازال يتمسك بها فمثلا:
1ـ (وخيرت) كانت ترمز للعلم، والشهامة، والأخلاق الفاضلة، والأمانة، والصدق، والوفاء بالعهود.
أما الآن فما إن تتملك حفنة من المال بقطع النظر عن من أين حصلت عليه؟! حتى توصف بكل الأوصاف الحميدة.
2ـ المثل أو(التفايش) كان الناس يتنافسون في العلوم، ومعرفة الأحكام، وإكرام الضيف…وأضحت الآن على المنازل الضخمة، والسيارات الفاخرة والاستجمام….الخ
وهكذا حيث ما اتجهنا وجدنا من الشواهد ما يكفي للدلالة على أن ما نشاهده بمنظارنا هو أقرب للغريزة منها إلى العقل، وإذا اختزلنا الكلام السابق في (صيغة رياضية فإننا نجد أن الإنسان صاحب عمل مكون من قول وفعل وحين نضع العمل في معادلته الصحيحة نخرج منه خارج قوس (القول والفعل) ليكون في طرف، واليكن العمل في طرف آخر فتصبح المعادلة على الشكل التالي:
القول + الفعل = العمل.
فالفعل إما أن يكون مثلا أعلى فهو فعل….يتواصل…

شاهد أيضاً

دين الفطرة في منهج الفطرة؛ ماذا قيل فيه؟!(الجزء الأخير) المرابط ولد محمد لخديم

يقول الأستاذ الدكتور: محمد سيديا ولد خباز المدير العام للمدرسة العليا للتعليم رئيس جامعة أنواكشوط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *