ثم أتت رسل تخبر أنها أرسلت من الله، ببراهين تفوق عقل الإنسان، فأتى موسى وعيسى ثم محمدا صلى الله عليه وسلم فعلى هذا يكون البرهان الذي يأتي به الرسل هو المعجزة البشرية التي تثبت حقيقته وتبين هويته، وتظهر رسالته وتؤكد بأنه رسول من عند الله.
والمعجزة الأخيرة هي القرآن الكريم الذي أتى يجدد من الناحية الشرعية علاقات الإنسان بنفسه وبخالقه الكريم، وبغيره من بني الإنسان.
والقرآن الكريم إما أن يكون من عند العرب وإما أن يكون من عند محمد صلى الله عليه وسلم وإما أن يكون من عند غير العرب.
فأما انه كان من عند العرب فباطل لأنهم قاوموه وحاربوه ووصفوه بالسحر واتهموه بالكذب، وأما انه كان من عند غير العرب فباطل أيضا لان الإنسان الذي يعيش لغة فيعبر عن آلامه وفرحه بأسلوبها ونسجها لا يمكن أن يجاريه ويباريه الذي يريد أن يتعلمها وخاصة إذا تساويا بالمعلومات وبالقدرة على الفهم، وإما انه كان من عند محمد فباطل لان محمد إنسان والإنسان لا يمكن أن يصل إلى واحدة من هذه الشروط الثلاثة:
1_لا يمكن للإنسان أن يسبق عصره
2_ لا يمكن أن يتحدث عن شيء ما لم يسبق هذا الشيء إلى دماغه من واقعه الذي يعيشه.
3_لا يستطيع أي إنسان أن يتحدث عن عصرين مختلفين أو أن يتحدث بأسلوبين مختلفين. وهذه الشروط الثلاثة أتت عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم فاثبت معجزته ودمغت الباطل إلى يوم الدين وهي موجودة وميسورة لكل إنسان يريد أن يتفكر أو ألقى السمع وهو شهيد.
ولو اطلعت أيها الإنسان المفكر لأدركت الفارق الكبير(11) بين الحديث والقرآن الكريم وأيقنت أن القرآن الكريم هو من عند غير صاحب الحديث أي من عند غير محمد صلى الله عليه ولو اطلعت على الشعر والنثر الجاهلي وما كان يحيط (12) بمحمد بن عبد الله لأيقنت أن هذا القرآن لم يسبق إلى دماغ محمد صلى الله عليه وسلم شيء من الواقع الذي عاشه. فإذن يكون القرآن الكريم لم يتحدث به احد من قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
فما هو القرآن ؟! وما الخصائص التي تبرهن على أنه من عند الله ؟!.
……يتواصل….