مع القرآن لفهم الحياة الحلقة(11)/المرابط ولد محمد لخديم

التحدي الأول: 1_ الموت:
  مازال انسان العصر يواجه نفس التحدى الذى كان يواجهه الإنسان الأول رغم التقدم العلمي الغير مسبوق فان الموت هو الحقيقة الكبرى التي لا يستطيع الإنسان الفرار منها، مهما بلغ من تطور طبي أو تكنولوجي. 
  بل إن أعظم العقول العلمية التي غيرت مسار البشرية لم تستطع أن تهزم الموت. 
       الإنسان اليوم يموت كما تموت أصغر بعوضة في الكون العلماء الذين يكتشفون كل يوم اكتشافات جديدة، رغم تطورهم العلمي، لا يملكون الفهم الكامل عن الروح أو الحياة، ولا يمكنهم الهروب من الموت الذي ينتظرهم كما هو الحال مع أصغر الكائنات في الكون.
      (ما دام الإنسان محتاجا ومخلوقا نتيجة لانطباعه بالسمات البشرية, ويموت كما تموت أصغر بعوضه في الكون.  وعلى الرغم من تقدمه العلمي والتقني, وعاجز أن يعرف معنى الحياة والروح، والموت فما معنى قوله تعالى:﴿ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ ﴾ [الملك:2] وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30].  وقوله جل من قائل: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ [الجمعة:8]. بل ان هذه الآية تشير إلى أن الموت ليس شيئًا يمكن التهرب منه أو تجنبه، مهما تقدم الإنسان في العلوم أو في مستوياته الفكرية. 
    هذا الاستدلال يبرز جانبًا من الإعجاز القرآني الذي يتجلى في الإخبار القطعي بحقيقة الموت، وهو أمر لا يملك أي إنسان أن يقرره على نحو جازم يتجاوز الأزمان والأجيال. فالآيات القرآنية السابقة تحمل يقينًا مطلقًا لا يقبل الاستثناء، وهي صادرة ممن يملك الحقيقة المطلقة، وهو الله سبحانه وتعالى.
    لو كان قائل هذا الكلام بشرًا، لما استطاع أن يجزم بمصير كل من يأتي بعده، إذ إن الإنسان محدود المعرفة، ولا يمكنه أن يتجاوز زمنه ليحكم بما سيحدث للأجيال القادمة. 
    لكن القرآن الكريم يخاطب البشر عبر العصور ببيان واضح، يؤكد حقيقة الموت كقانون كوني شامل لا يخرج عنه أحد. وهذا اليقين الذي يتجاوز الحاضر والمستقبل لا يمكن أن يصدر إلا عن خالق الحياة والموت، مما يدل على أن القرآن ليس كلام بشر، وإنما وحي من عند الله.
     هذا النوع من الإخبار القطعي الذي يمتد عبر الزمن هو مما يعجز عنه أي كائن مخلوق، لأن المعرفة البشرية نسبية ومحدودة، بينما كلام الله يقيني مطلق، نافذ في كل زمان ومكان.
    فالإنسان في هذا العالم في اختبار، والموت ليس مجرد نهاية بيولوجية، بل مرحلة انتقالية إلى عالم آخر، وهو ما يجعل الإنسان مطالبًا بالتفكير في مغزى وجوده وعمله.
التحدي الثاني:2) ـ الروح
تشكل الروح  تحديًا علميًا وفلسفيًا هائلًا، فكلما تقدم العلم، ازداد غموضها بدلاً من أن تنكشف حقيقتها. 
   يقول تعالى عن الروح ﴿وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ ۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [ الاسراء: 85]
هذا الكلام مغموس بالتحدي وهو خطابا للأجيال كلها إلى قيام الساعة تماما مثل التحدي الأول. 
   أي لا تطمعوا أن تعلموا حقيقة الروح وأنتم لم تعرفوا أي شيء عن حقيقة الكون ﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا﴾ يقول البوطي كدليل على عجز العلوم الحديثة عن معرفة حقيقة الكون ما يلي: ” هل يتأتى لرجل من الناس وهو يخاطب الناس جميعا أن يقول لهم لن تعلموا حقيقة الروح. 
    هذا الكلام ليس مما يتجرأ إنسان عليه لأن الإنسان يفرض الاحتمالات المختلفة للزمن، والأطوار المفاجئة العجيبة للإنسان، وهو ليس مطلعا على ما قد يأتي به القدر أو ما قد يفاجأ به فكر الإنسان كما تقدم آنفا، ولكنه إخبار غيبي يصدر عن خالق الروح والذي يملك أن يقول: ﴿.. قل الروح من أمر ربي﴾ الآية.
     وقد شاء الله عز وجل أن ينطق العلماء في هذا العصر بما يعبر عن إعجاز هذه الآية في كتاب الله سبحانه وتعالى.
شاء الله عز وجل ذالك وإن لم يكونوا يعرفون أنهم قد وقعوا من حيث لا يدرون على أن هذا الكلام كلام الله عز وجل وليس كلام بشر؛
_ في عام 1959م عقد مؤتمر في نيويورك، من الغرب والشرق وأوربا وكان فيهم عالم من أكبر علماء الإتحاد السوفيتي آنذاك اسمه ألكسندر أو باليه وكان شيوعيا. بقي هذا المؤتمر قرابة أسبوع, والموضوع الذي تداعوا واجتمعوا من أجله, هو محاولة الإجابة عن سؤال: هل يمكن إيجاد خلية واحدة عن طريق التفاعل الكيميائي؟
بحثوا ثم بحثوا ثم إنهم انتهوا إلى القرار التالي:
” لا يستطيع العلم أن يوجد الروح ولا الخلية الواحدة عن طريق تفاعل كيميائي والعلم لا علاقة له بالروح لأن العلم يسير في طريق والروح يسير في طريق آخر(65)
   (اعترف العلماء بأنهم لا يستطيعون إيجاد الحياة من خلال التفاعلات الكيميائية، وأن هناك فجوة بين العلم والروح لا يمكن تجاوزها. ؟!!
   هذه الشهادة العلمية تعكس إعجاز القرآن في الإخبار عن محدودية العلم البشري، وتثبت أن هناك أشياء تبقى خارج نطاق الفهم البشري، مهما بلغ من تقدم!!
   ما قاله العلماء في مؤتمر نيويورك عام 1959، بأن “العلم لا يستطيع أن يوجد الروح ولا حتى خلية حية”، ينسجم تمامًا مع ما جاء في القرآن الكريم قبل أكثر من 1400 سنة. وهذا التحدي القرآني قائم إلى يوم القيامة، حيث لم يتمكن أي علم حتى الآن من تفسير جوهر الروح، رغم القدرة على تحليل وظائف الجسد والدماغ.
الحياة والروح:…..يتواصل…..

شاهد أيضاً

مع القرآن لفهم الحياة: الحلقة:(12). تساؤلات؟!….اعجاز يتجاوز ادراك البشر؟!!/المرابط ولد محمد لخديم

 الحياة والروح:       الروح هي سر استمرار الحياة في الجسد، وبفقدانها تنتهي الحياة ولا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *