الروح ليست نقيضا للموت ولكنها العامل الأساسي لاستمرار الحياة.
أما ماهية الروح ؟! فهذا ما يجهله العلم البشري قديما وحديثا كما تقدم آنفا.(55) رغم أنه يؤمن بها حيث يؤدي نفخ الروح في الجسد الحي إلى تغيرات يمكن معرفة بعضها بالمشاهدة والاستطلاع لحالات الجسد الإنساني الحي المختلفة، فإن ما يحدث للجنين داخل الرحم بعد نفخ الروح فيه يمكن إدراكه بدراسة ما يحدث له من تغيرات وظيفية، ومن تغيرات في الخواص والحركات والاستجابة للمؤثرات المختلفة والانفعال …الخ.
ويمكن ملاحظة هذا بالمشاهدة بكل سهولة وذالك بمقارنة ما يحدث في المرحلة السابقة, لنفخ الروح بما يحدث في المرحلة ألاحقة لنفخ الروح مثل زيادة النشاط العصبي، وتطور الحركات الإرادية، واستجابة الأعضاء للمؤثرات…
التميزبين الحياة البيولوجية والحياة الروحية
– النصوص تفصل بين:
_الحياة البيولوجية (التي تبدأ من الإخصاب).
_ الحياة الإنسانية الكاملة (التي تبدأ بنفخ الروح).
– العلم الحديث يؤكد هذا الفرق:
_ الجنين قبل 12 أسبوعاً: له حياة بيولوجية لكن دون وعي أو إدراك.
_ بعد 16 أسبوعاً: تظهر علامات الوعي البدائي (استجابة للألم، تغيرات في موجات الدماغ).
النصوص تشترط اكتمال التخلق (التسوية) لنفخ الروح. كما أسلفنا. وهذا من العلوم التي ما زالت في بدايتها والبحوث فيها كثيرة ولم يتم إلى يوم الناس أي بحث بطريقة إيجابية نستطيع منها أن نستخلص نتائج ذات قيمة في هذا الشأن..!!
وبوقوف العلم الحديث عاجزا متحيرا أمام هذه الظاهرة فإننا نجد القرءان يتخطاه ليجيب عليها قال تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) [المؤمنون:14[.
فها هو الإنسان الأول يخلق من طين، ثم يتكرر خلق الإنسان حسب سنة متجددة، فهو نطفة في قرار مكين تتخلق وتتشكل، ثم بعد ذلك تنشأ خلقا آخر، فما هو هذا الخلق الآخر؟.
الروح من وجهة نظر علمية:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن ذلك في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود مرفوعا: [إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات ويقال له: أكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح] (56).
بمعنى أن الحديث النبوي يحدد التوقيت الدقيق لنفخ الروح بعد 120 يوماً
(40 يوماً نطفة، 40 علقة، 40 مضغة).
– العلم الحديث يكتشف أن:
_ الجهاز العصبي يبدأ بالتكون في الأسبوع 8
(56 يوماً).
_أولى موجات الدماغ تسجل بعد الأسبوع 12
(84 يوماً).
_معظم الأجهزة تكتمل وظيفياً بحلول الأسبوع 16 (112 يوماً). بعض العلماء (مثل الدكتور كيث مور) أشاروا إلى أن التطور الجنيني في الأسبوع 8-12 (قريب من 120 يوماً) يشهد نقلة نوعية في التعقيد، لكنهم لا يربطون ذلك بالروح لاختلاف المنهج.
قوله تعالى: {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} (المؤمنون: 14) يتوافق مع التحول النوعي في الجنين من مجرد كتلة حية إلى كائنٍ مُدرك.
– هذا التطابق الزمني بين الشرع والعلم في تحديد مرحلة “الخلق الآخر” إعجاز علمي.
– العلم يثبت أن:
_ التشوهات الجسيمة غالباً ما تؤدي لموت الجنين تلقائياً قبل الأسبوع 20.
الأجنة المشوهة تشوهاً شديداً لا يعيشون بعد الولادة. العلم يقف عاجزاً عن تفسير:
_ مصدر الوعي والإرادة الحرة في الإنسان.
_ كيف تنشأ المشاعر والأفكار من مجرد تفاعلات كيميائية؟!.
– القرآن يجيب بأن هذا من آثار الروح التي “من أمر ربي”.
_التنبؤ العلمي باشتراط اكتمال التخلق لقبول الروح.
_التفسير الشامل لظاهرة الوعي التي يعجز العلم عن تفسيرها.
هذا التطابق بين ما جاء في الوحي قبل قرون طويلة وما اكتشفه العلم حديثاً – مع استحالة معرفة هذه التفاصيل دقيقة في ذلك الزمن – هو جوهر الإعجاز العلمي.
وهكذا يكشف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سر هذا (الخلق الآخر) ألا وهو نفخ الروح في ذلك الجنين الذي خلقه الله في بطن أمه (وسواه) حتى اكتملت أعضاؤه وأجهزته وأصبح في حالة يستطيع معها أن يستقبل تلك الروح التي ينفخها فيه ملك، .
الروح من أمر الله، والعلم محدود بالمادة، لذا يعجز عن إدراكها.
النصوص الشرعية تتفق مع الملاحظات العلمية دون تناقض، مما يؤكد إعجاز القرآن والسنة في شرح مراحل خلق الإنسان.
لكن كيف عجز العلم الحديث عن فهم سر الروح رغم إيمانه بها؟!!…….يتواصل…