طريق الحق مدخل علمي الى الايمان ح:(1)

في تدوينة سابقة وعدت القاريء الكريم بتقديم كتاب مشترك مع العلامة حمدا ولد التاه بعنوان: تائه يبحث؟‼
وقد استبدلناه بعد ذالك بعنوان: طريق الحق؛ مدخل علمي الى الايمان.
ولاننا قدمنا 20 حلقة من الكتاب في رمضان الماضي فانني في رمضان الحالي لا ادري هل ارجغ من البداية ام اواصل من حيث انتهيت سابقا….؟!
المقدمة:
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه من روحه، وخصه بقسمات وطبائع خاصة به، وسوى بنانه وأفرده ببصمة لا يشاركه فيها أحد لتكون بمثابة توقيعه، ووهبه العقل ميزه به عن سائر مخلوقاته، وأمره بإعماله في الكشف عن قوانين الكون المسخر له، وهداه النجدين وخيره أن يسلك أحدهما بمحض اختياره، وحمله المسؤولية أمانة أبت السماوات والأرض أن يحملنها وأشفقن منها, وحملها الإنسان شفقة واعتدادا. فأسجد الله له ملائكته تقديرا وإكبارا وحسن ظن به، في أنه سوف يحسن اختيار طريق الخير بكدحه وجهده ومعاناته رغم قدرته على اختيار طريق الشر.
ثم جعل منه الذكر والأنثى، وسيلة لحفظ نسله ونمائه، وجعل من آياته فيه اختلاف ألسنته وألوانه، وجعل منه شعوبا وقبائل وأمما وحضارات، تتدافع وتتخاصم ثم تتناحر وتتعارف وتتفاهم، وعد ذلك الاختلاف ضرورة لتطور الإنسانية ونموها وتلاقح الثقافات وارتقائها.
والإنسان بفطرته طلعة لا يقتنع من الحياة بمظاهر أشكالها وألوانها كما تنقلها إليه حواسه أو كما ينفعل بها شعوره، بل يتناولها بعقله، وينفذ إليها ببصيرته ليعرف حقيقة كل شيء؟!
إن الأمم الكبيرة ليست كبيرة بأعدادها، وإنما هي كبيرة بإنتاجها العقلي وسبقها الحضاري، وهذا وذاك لا تصنعه الدهماء، إنما تصنعه العبقريات الرائدة والبصائر النفاذة ولهذا نسعى دائما في بحوثنا إلى دراسة مجتمعنا من الداخل, مبتعدين قدر الإمكان عن الإجابات الجاهزة التي هي تكريس لما يكتبه الانتروبولوجيون الغربيون، عن مجتمعنا والذين يجهلون الكثير عن عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الأصيلة..
ويمكننا أن نقسم مجتمعنا إلى طائفتين:
طائفة ذات ثقافة عليا و طائفة الثقافة الشعبية، الأولى يتشوفون إلى حشد الناس لمشايعة آرائهم ووجهات نظرهم، أما الثانية فيتطلعون إلى الخروج من شرنقة ثقافتهم الفطرية والبسيطة لذلك يلزم أداة ربط بين ثقافة الطائفتين على النحو المنجب والمبدع.
ولاشك أن وظيفة الثقافة العليا والأساسية هي تعريف الأمة على مكامن قوتها، وأن تفتح لها آفاق النمو والتطور، وأن تسلط أشعة النقد على أزماتها ومشكلاتها، وهذا ما يحتاجه مجتمعنا اليوم الذي مازال يبحث عن نفسه ولن يتحقق له رسم ملامحه المستقبلية إلا بتنقية ثقافته الشعبية من مركوم العادات والتقاليد السيئة وجعله أكثر وعيا بذاته.
فما هي المسلمات الدينية والعقدية والعلمية التي يجب احترامها والخروج عليها يعتبر زيقا عقليا؟ وما هو مجال العقل حسب التجربة الإنسانية؟
إننا كمفكرين بشر نؤمن بالعقل في حدوده وقدرته المحدودة وفي نفس الوقت نؤمن بالغيب في حدوده ومسلماته ونرفض الخرافة ‼
فهل تكون هذه المساهمة المرجل الذي يبخر عادات وتقاليد افلت.؟؟. والزناد الذي يطلق الرصاصة في ساعة الصفر إيذانا بانطلاق نهضة بكر تدرس مشاكل مجتمعنا الشائكة؟‼

المؤلفان

العلامة حمدا ولد التاه
أمين عام رابطة علماء موريتانيا.
لمرابط ولد محمد لخديم رئيس الجمعية الوطنية للتأليف والنشر المدير الناشر لآفاق فكرية.

الفصل الأول؛
الرافد العرفي: الإنسان وبيئته
حين يولد الواحد منا يجد في بيئته الثقافية فُيوضا من المقولات الشعبية والأعراف والتقاليد، كما يجد نظاما رمزيا كاملا، وانتماء دنيويا وعرفيا ولغويا، ويجد إلى جانب كل ذلك أسلوبا مميزا للعيش والتفاهم، وإدارة الأزمات، وخبرات وعلوما متناقلة…
وذلك كله منحدر من الماضي البعيد والقريب. والبيئة الثقافية لكل ما تحويه، تسوق طريقتنا في التفكير، وتحدد أطر مشاعرنا واتجاهات عواطفنا، وآفاق طموحاتنا وآمالنا، كما تحدد
المحكمات والأعراف التربوية التي تتم تنشئة الصغار بها وعليها.
إن مما أضر بفهمنا لمسألة نسبية الصواب والخطأ في الأفكار أننا كثيرا ما ننزع الرأي من إطاره البنيوي وبيئته الثقافية والاجتماعية فيبدوا وكأنه يستمد صوابه من ذاته وقدرته على الإقناع، واقتناع الناس به. وهذا حرمنا من فهم المرتكزات العميقة له، ومن فهم البرمجة الثقافية التي وفرها المجتمع لصاحبه. وجعله أسيرا لها..
البدائيون الذين يعيشون في بيئات تشكو من الفقر الثقافي بكل وجوهه ومستوياته، يميلون إلى البساطة في التفكير وإصدار الأحكام القطعية، ورفض كلما ما يخالف ما هم عليه، وذلك لأن بيئتهم، جعلت قدرتهم على المقارنة محدودة كما أن ما يجول في عقولهم من دلالات محدودة.(1)
وعلى هذا فنحن – فاعتبار ما – شيء من الماضي، ومظهر من مظاهر تحققه وظهوره.
فمهما حاول الواحد منا أن يبدو مخالفا لمواصفات ذلك الماضي، ومهما حاول الانقطاع عنه، فإنه لن يستطيع التخلص منه إلا على نحو جزئي، وهل يستطيع المرء أن يخرج من جلده أو أن ينسلخ عن نسبه؟!!.
غيران المتأمل في أحوال المجتمعات الإنسانية، يجد أن السواد الأعظم من الناس يحملون الأفكار والمعتقدات الموجودة في مجتمعاتهم دون تفريق بين الصالح منها والطالح، حتى انك تجد المخترع والعبقري والعامل المتمكن الذي ينصرف على نحو خرافي إذا هو خرج عن مجاله أو تخصصه، وما ذاك إلا بسبب سطوة الموروثات الثقافية، وبسبب قدرة العقل البشري أن يجمع بين أعلى درجات المنهجية، وأعلى درجات الخرافة في إطار ثقافي واحد، لتتجلى جميعا في سلوك صاحبها وعلاقاته..
وهذا ما يظهر من خلال أكثرية الكتابات التي يكتبها بعضهم عن قصد, ويسكت عنها البعض عن قصور..
والإنسان بفطرته طلعة لا يقتنع من الحياة بمظاهر أشكالها وألوانها كما تنقلها إليه حواسه أو كما ينفعل بها شعوره، بل يتناولها بعقله، وينفذ إليها ببصيرته ليعرف حقيقة كل شيء.!!.
من أين جاء؟ وكيف صار؟ وإلا م ينتهي؟.
وهو في إشباع رغبته تلك لا يدخر وسعا من ذكاء أو جهاد حتى يبلغ من ذلك ما يطمئن إليه عقله وتستريح به نفسه.
يناقش الكتاب ثلاث محاور حولنا من خلالها أن نجد نقاط التقاء بين التعليم المحظري والتعليم النظامي محاولين الالمام بواقعنا كمجتمع فريدا من نوعه قد لا يفهم الآخر كثيرا من قضايانا الداخلية التي لا تخضع للدراسة..
وهذه المحاور:هي
الرافد البيئي…والرافد اللغوي…والرافد الديني..
بأدلة وبراهين علمية ولغوية وفلسفية ودينية..
…يتواصل…..

شاهد أيضاً

دين الفطرة في منهج الفطرة؛ ماذا قيل فيه؟!(الجزء الأخير) المرابط ولد محمد لخديم

يقول الأستاذ الدكتور: محمد سيديا ولد خباز المدير العام للمدرسة العليا للتعليم رئيس جامعة أنواكشوط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *