غير أن أهمية النقد تكمن في أننا بشر نصيب ونخطئ، والجميع يعترف بذلك، لكن سلوكنا لا يترجم ذلك الإعتراف. نحن لا ننكر أنه حدثت محاولات للتأثير على مجتمعنا خاصة في الفترة الأخيرة, فقد حدثت لقاءات ومشاورات لكننا نأخذ عليها أنها كانت متسرعة وغير مدروسة.
لأن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة. ولسنا هنا ضد حرية الإعلام فهذا مما نرتاح له ويثلج صدورنا لكن ينبغي أن يكون كل شيء بمقدار فيجب أن نؤمن أولا بمفهوم الدولة وأن يكون لها حرمتها واحترامها إيمانا منا بقوة القانون الذي هو فوق الجميع, خاصة في مجتمع ما زال العرف يقف بكل فئاته حارسا على قيمه وأعرافه، وهو مستعد لإقصاء من يخرج عليه ونبذه، ولذا فإن من المصادر الأساسية لمقاومة التغيير الخوف من الابتعاد عن القوانين التي يبنيها المجتمع. ولو كانت على حساب الشرع والمدنية الحديثة…
مع أن مجتمع الغزو الذي قامت عليه” بادية السيبة “الموريتانية هو الذي أوجد سلطة هشة ومتقلبة لأمراء حسان الذين كانوا يجمعون الإتاوات من الفئات التي يحمونها، ولاشك في أن هذه الطبيعة السائبة وإنعدام الأمن وجو البحث عن الحماية هي التي جعلت من القبيلة الموريتانية بناءا تدريجيا بين الصرحاء والخلفاء والغارمين والفئات الخدمية..
وهذا مايستوجب ضرورة مراجعة تراثنا الشنقيطى من جديد وتنقيته مما علق به من ثقافة (لفريك) وتكيفه مع الوقائع والمستجدات بلغة العصر وطموحه.
وفي غياب هذا الإجراء في الوقت الحالي على الأقل فان ثقافتنا ستظل ثقافة الماضي الأعزل في زمن أخص خصائصه التطور العلمي والتقني “القائمان على السببية العلمية، والإرادة الإنسانية الفاعلة!!.
لقد أصبح سيئا للغاية أن ينطق رجل الدين أمام الناس..أو أمام الطلاب بقضايا متقادمة، قال بها الأولون، دون أن يحاول مزج المعرفة التقليدية للجديد.. وأكثر ما تتجلى هذه المعرفة التقليدية في علم التوحيد أو الكلام أو مباحث العقيدة على اختلاف المصطلحات. حيث يصر بعض الأساتذة على حكاية النزاع بين المعتزلة وأهل السنة، والفرق بين الأشاعرة والماتريديه، ووجهة نظر الشيعة والخوارج، والخلاف بين الجبرية، وغيرهم وتناقض بين العقل والنقل وتساندهما.
وكل هذا يدور في حلقة مفرغة، بعيدة عن تفكير الشباب المتحول، لأن هذا الكلام قد أدى وظيفته على خير وجه، حين كان جزء من صراع عصرهم حول المفاهيم والقيم، فلما مضى عصره أصبح جزءا من تاريخ الفكر، لا أساسا من أساس النقاش الحي النابع من التجربة المعاشة….يتواصل….
شاهد أيضاً
دين الفطرة في منهج الفطرة؛ ماذا قيل فيه؟!(الجزء الأخير) المرابط ولد محمد لخديم
يقول الأستاذ الدكتور: محمد سيديا ولد خباز المدير العام للمدرسة العليا للتعليم رئيس جامعة أنواكشوط …